جاء في المسند عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "إن الرجل ليُحرَم الرزقَ بالذنب يصيبُه".
اعلم أخي:
أن المعاصي والذنوب متى تفشَّت في المجتمع، تعسَّرت عليه أمورُه، وانغلقت
أمامَه السبل، فيجدُ أفرادُه حينئذ أبوابَ الخير والمصالح مسدودةً أمامهم، وطرقَها
معسَّرة عليهم،
ألا
فبادر بالتوبة ـ أخي ـ واحذر المعاصي، فإن نارها تحت الرماد، ولا تغترّ بإمهال الله
للمسيئين. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر: "فكلُّ ظالمٍ
معاقَب في العاجل على ظلمه قبل الآجل، وكذلك كلُّ مذنبٍ ذنباً، وهو معنى قوله تعالى: "مَن يَعْمَلْ سُوءا يُجْزَ بِهِ" [النساء:123]، وربما رأى العاصي سلامة بدنه، فظن أن لا
عقوبة، وغفلته عما عوقب به عقوبة".
نعم النكتة هنا.. قد يتساهل بعض
الناس في الذنب، لأنهم لا يرون تأثيره في الحال، وقد يتأخر تأثيره فينسى، ويظنّ أنه
لا يغير بعد ذلك. جرأةٌ قاتلةٌ، وتهورٌ مدمرٌ، وانحدارٌ خطير.ٌ ألا إن الإفراط في الأمن من المُتغيِّرات لهو مكمنُ الخوف والخطر، والصغائر
بمرور الزمن تصبح كبائر.
قال الشاعر:
إذا لم يَغْبرَّ حائطٌ في وقوعه .. فليس له بعد الوقوع غُبار
كم .. وكم
أهلكت هذه النكتة من الخلق؟. وكم أزالت من نعمة؟، وكم
جلبت من نقمة ؟
وما أكثر المغترين بها من العلماء والفضلاء، فضلا عن
الجهال، ولم يْعلمِ المغترَّ أن الذنب ينقض ولو بعد حين، كما ينقض السم، وكما ينقض الجرح
المندمل على الغش والدغل. قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم
يفلته". ثم قرأ قوله تعالى: "وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ
ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ". [هود:102].
ذكر
الإمام أحمد رحمه الله، عن صفية رضي الله عنها قالت: "زُلزِلَت المدينة على عهد عمر فقال: يا أيها الناس! ما أسرع ما أحدثتم؟ لئن عادت لا تجدوني
فيها". وفي رواية أخرى: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما زلزلت الأرض على عهده، قال :ما
كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه، والذي نفسي بيده لئن عادت لا أساكنكم فيها
أبداً".
فالحذر.. الحذر ... من الذنوب.
واعلموا أنه لم ينـزل بلاءٌ إلا بذنب، ولن يُرفع إلا بتوبة، ولو لم يغير
العباد على أنفسهم لَمَا غيَّر الله عليهم: "إِنَّ اللَّهَ لا
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ".[الرعد:11]
ألا فتب إلى
الله أخي.. واعلم أن الذنب لا ينسى، ولا
تظنّ أن شيئاً من الأعمال لا يحصى، واعلم أن لكل حسنة ثوابا، وأنا لكل سيئة
عقاباً. ولا تُؤجِّل إلى الغد ما تستطيع أن تفعله بعد غدٍ، وكأن
الدنيا بلا صُروفٍ ولا غِيَر ولا قوارع، ولقد أحسن من قال:
ما عند يومي ثقةٌ لي بغدِ *** لا بُدَّ من دار خلود
الأبد
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله من جميع الذنوب
والخطايا. اللهم اغفر لنا ذنوباً علمتَها أنتَ ولم يعلم بها أحدٌ من العباد، اللهم
اغفر لنا الجهر والسر والعلن، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، ونبوءُ لك بنعمتك
علينا، ونبوء بذنوبنا، فاغفر لنا، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لا إله إلا أنت
سبحانك إنا كنا من الظالمين..
قال صلى الله عليه وسلم الا انبئكم باكبر الكبائر .قالوا بلى يا رسول الله .قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين.
ردحذف