الخميس، 14 فبراير 2013

:تسع صفات في النمام




   النميمة: هي نقل الكلام، يذهب أحدهم إلى الرجل فيقول له: فلان قال فيك كذا وكذا... لقصد الإفساد وإلقاء العداوة والبغضاء بينهما. وهي من كبائر الذنوب، ومن أسباب عذاب القبر ودخول النار.   
   فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمّام". وفي رواية: "قتّات". رواه البخاري ومسلم. والقتات والنمام بمعنى واحد. .
   وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقبرين، فقال: "إنهما يعذّبان وما يعذّبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة".   
  فإذا كانت النميمة مما يوجب عذاب القبر أولا، ثم العذاب بعد الحشر ويوم القيامة، فواجب على العقلاء أن يحذروا منها ويتوبوا.  

   فيا أخَيّ: إن الواجب عليك إذا نقل إليك أحد "أن فلانا قال فيك كذا وكذا"، فعليك أن تنكر عليه وتنهاه. واعلم أن من نقل إليك كلام الناس فيك، نقل عنك ما لم تقله. فقد قالوا: "من نمّ لك، نمّ عليك". جاء رجل إلى وهب، فقال له: "إنّ فلانا شتمك"، فقال له: "أما وجد الشيطان بريدا غيرك".؟
لا تقبلـنّ نميمـة بُلِّغتهـا .. وتحفَظَّن من الذي أنبأكها
إن الذي أهدى إليك نميمة .. سينمّ عنك بمثلها قد حاكها
  روي عن ابن عمر بن عبدالعزيز، أنه دخل عليه رجل فذكر عنده وشاية في رجل آخر، فقال عمر: إن شئت حقّقنا هذا الأمر الذي تقول فيه، وننظر فيما نسبته إليه، فإن كنت كاذباً، فأنت من أهل هذه الآية: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا". وإن كنت صادقاً، فأنت من أهل هذه الآية: "هماز مشاء بنميم". وإن شئت عفونا عنك، فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبداً.
من نمَّ في الناسِ لم تٌؤمن عقاربُه * على الصديق ولم تؤمن أفاعيْهِ
كالسيلِ بالليلِ لا يدري به أحدٌ * مِنْ أينَ جاءَ ولا من أين يأيته
الويلُ للعهدِ منه كيف ينقضُه؟ * والويلُ للودِّ منه كيف يُفنيهِ؟

  ألا يا رعاك الله: يكفيك ترهيبا من النميمة، قول الله تعالى: "هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ".  (سورة القلم: 11-13).    
فقد وصف القرآن الكريم النمام، بتسع صفات كلها ذميمة:
الأولى: أنّه حلّاف.. كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلاّ إنسان غير صادق، يدرك أن النّاس يكذبونه ولا يثقون به، فيحلف ليداري كذبه ويستجلب ثقة النّاس.  
الثانية: أنّه مهين.. لا يحترم نفسه، ولا يحترم النّاس قوله، وآيةُ مهانتِه حاجتُه إلى الحلف، والمهانة صفة نفسية تلصق بالمرء ولو كان سلطاناً ذا مال وجاه.  
الثالثة: أنّه همَّاز.. يهمز النّاس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم على حدٍ سواء.  
الرابعة: أنّه مشاء بنميم.. يمشي بين النّاس بما يفسد قلوبهم ويقطع صلاتهم ويذهب بمودتهم. وهو خلق ذميم لا يقدم عليه إلاّ من فسد طبعه وهانت نفسه.  
الخامسة: أنّه مناع للخير.. يمنع الخير عن نفسه وعن غيره.  
السادسة: أنّه معتدٍ.. متجاوز للحق والعدل إطلاقا.  
السابعة: أنّه أثيم.. يتناول المحرمات ويرتكب المعاصي، حتى انطبق عليه الوصف الثابت والملازم له "أثيم".   
الثامنة: أنّه عتل.. وهي صفة تجمع خصال القسوة والفضاضة فهو ذا شخصية كريهة غير مقبولة.  
التاسعة: أنّه زنيم.. وهذه خاتمة صفاته. قال عبدالله بن المبارك: "هو ولد الزنا الذي لا يكتم الحديث".

   فيا ذوي النفوس العالية: اربأوا بنفوسكم عن النميمة، فهي من أحطّ الأخلاق وأرذلها، فما اتصف بها إلا لئيم يهتك الأستار، وينشر الأسرار. دعوها فلطالما خرّبت بيوتاً عامرة، وفرّقت أسراً مجتمعة، وأزهقت أرواحاً بريئة. تثبتوا إذا نقل إليكم النمام ما يجرح المشاعر أو يثيرها، فإنه فاسق، والله سبحانه وتعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". (الحجرات:  6).  
وَاخْشَ النَّمِيمَةَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَائِلَهَا * يُصليكَ منْ حرّهاَ ناراً بلاَ شُعَلِ
كمْ فِريةٍ صدعتْ أركانَ مملكةٍ * وَمَزَّقَتْ شَمْلَ وُدٍّ غَيْرِ مُنْفَصِلِ

وفقني الله وإياكم لمحاسن الأخلاق وصالح الأعمال, وجنبنا مساوئ الأخلاق ومنكرات الأعمال, وهدانا صراطه المستقيم, إنه جواد كريم.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق