النصر لفظ من الألفاظ العقدية في
الدين الإسلامي: في علوم الحرب وصراع القوى يُمْكِن للخبراء العسكريين والقادة
السياسيين أن يتنبؤوا بنتائج المعارك مسبقاً، وغالباً ما تصيب توقعاتهم وتوافق
حساباتهم، ولا سيما مع التطور الهائل الذي تشهده التقنية الحديثة على مختلف
الأصعدة وفي جميع المجالات، حيث يمكن إدخال أرقام وقياسات كِلَا طرَفَي معركةٍ ما
لجهاز حاسوب فيعطيك نتيجة فورية مفصلة بنتائجها قبل نشوبها.
ولكن هذه التقنية الباهرة تقف عاجزة
كل العجز أمام إخضاع أسبابنا الخاصة كمؤمنين لحساباتهم كبشر، فحينما يكون أحد المعسكرين
المتحاربين معسكر الإيمان تفشل الحسابات، بل تكون حساباتها تلك من باب العبث
والدجل، لأنها تتأسّس - حينئذ - على مقدمات خاطئة أو ناقصة لم يَحُط بها استقصاءٌ
كلّي جامع.
لأن هناك أسبابا يختص بها المسلمون،
إنها أسباب ربانية لا تُمنح لجنس تفضيلاً له على آخر، وإنما يختص بها أهل الإيمان
أينما كانوا، وأياً كان جنسهم أو لونهم، وذلك بمقتضى ميزان العدل الإلهي، الذي لا
اعتبار فيه لمعايير البشر العنصرية والمادية، والتي لا تتحيز لفريق دون آخر لمجرد
الهوى، أو لحمية الجاهلية، أو للإلتقاء المصالح النفعية، فالإعتبار الوحيد في
ميزان الله، هو كما قال تعالى: "يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ". محمد: 7 .
فالنصر لفظ من الألفاظ العَقَدية في
الدين الإسلامي، وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم ما يزيد عن مائة وثلاثين مرة.
وهو مُسْنَد ومنسوب إلى الله العليّ القدير، فالنصر من عند الله، والمسلمون
يُنصَرون بمددٍ من الله وتأييده، وذلك حينما يَنصُرون الله باتباع أوامره واجتناب
نواهيه، كما في قوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: "إِنْ يَنْصُرْكُمْ
اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ
مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ". الآية: 160 .
وكما في قول رب العالمين في سورة الحج: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ
يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"، الآية:40 . وقوله عز وجل في سورة
محمد: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". الآية:محمد:7 .
ليتنا ندرك هذا .. اللهم انصرنا على
أنفسنا حتى نستقيم على أمرك، وانصرنا على أعدائنا حتى نسعد بظهور دينك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق