عن صالح الدَّهَّان رحمه الله، أَنّ
جابر بن زيد رضي الله عنه: "كَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَ بَعْضِ
أَهْلِهِ، فَمَرَّ بِحَائِطِ قَوْمٍ فَانْتَزَعَ مِنْهُ قَصَبَةً، فَجَعَلَ
يَطْرُدُ بِهَا الْكِلابَ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمَّا أَتَى الْبَيْتَ وَضَعَهَا فِي
الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لأَهْلِهِ: احْتَفِظُوا بِهَذِهِ الْقَصَبَةِ، فَإِنِّي مَرَرْتُ بِحَائِطِ قَوْمٍ
فَانْتَزَعْتُهَا عَنْهُ، قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ!. مَا
بَلَغَ بِقَصَبَةٍ؟. فَقَالَ: لَوْ كَانَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهَذَا الْحَائِطِ
أَخَذَ مِنْهُ قَصَبَةً لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَدَّهَا".
إيـه.. نعم.. أين نحن من هـؤلاء؟.
كم في الناس اليوم من يأخذ أموالا محرمة؟!. فهذه أموال المسلمين لا يبالي
أين ينفقها، وتلك استحلها وسماها بغير اسمها، وثالث يقول: مثلي مثل غيري هذه أموال
البايلك ـ الدولة ـ والكل أخذ وأنا منهم؟ .. ذلكم هو الخراب!
" لوكان كل من مر بهذا الحائط أخذ منه قصبة لم
يبق منه شيئ"!.
تخيل أخي لو أن كل واحد منا مزق ورقة،
أو أخذها من مكتبه، ما ذا يحدث؟.
تخيل أخي لو أن كل واحد منا ضيع دقيقة
من عمله، كم دهورا ضيعنا؟.
تحيل أخي لو أن كل واحد منا أخذ دينار
بغير حق، كم من أموال ضيعنا؟.
تخيل أخي لو أن كل واحد منا لم يتقن
عمله وتأخر في أداء مهامه. ما ذا يحدث؟.
نعم.. إنه الخراب، ويح هذه الأمة!!
كم تجرأ الناس على الكسب الحرام: عاملٌ لا يؤدي عمله على وجه صحيح، ورَبُّ
عَمل يقتطع من حق أجيره، وموظفٌ لا ينهض بمسؤولية وظيفته، وتاجر يغش في سلعته،
ومتجرئ على التعامل بالربا، ومتاجر بما يفسد عقول الناس ويدمر حياتهم؟.
والله لتسألن يوم القيامة عن كل كبيرة
وصغيرة..
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ اقْتَطَعَ
حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ،
وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: "وَإِنْ كان قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ". [أخرجه
مسلم والنسائي واللفظ له].
فانظروا أيها الناس: كيف أن أخذَ عودِ السواك ظلماً
وحراماً، كان سبباً من أسباب دخول النار والعياذ بالله..
ألا.. فالحذَر الحذر من كسب الأموال من غير سبلها المباحة، ونيلِها من غير
طرقها المشروعة، فلقد أتتِ المكاسب المحرَّمة على بيوت آكليها فخرَّبتها، ودكَّت
صروح عزِّهم ومجدهم فهَدَمتها، فبماذا يكون الجوابُ إذا وقفوا غدا بين يدي الله
جلّ وعلا وسألهم عن هذه الأموال بأيّ وجهٍ أخذوها؟ وبأيّ دينٍ استباحوها؟.
ألا ما أشد ضياع من تنكَّب طريق الهداية فباع
نفسه للشيطان!.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عن من سواك...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق