إنّ
الحبّ أقوي عاطفة تستكن بين جوانح الإنسان، متى ما تفجرت دفعته للعطاء والبناء
والنماء، إذن فلا بُدّ ـ أيها الأحباب ـ من إشاعة لغة الحب في المنزل بين العائلة،
حتى لا يبحث أفرادها عن الحب الخاطئ خارج حدود الأسرة. ومن
ثَمَّ يدخلون جحر الضبّ.
ألا إن في الحبّ الحلال للزوجة والأهلِين،
كفايةٌ وغنيةٌ عن الحرام، وأيُّ امرئ أبى الحلال فليعلم أنه مفتون.
إنه من الرائع أن
يقول الزوج لزوجته أحبك، ومن الرائع أن يقول الأب لابنته أحبك، ومن الرائع أن يسمع
الولد من أمه كلمة أحبك.
ألا وإن من نعم الله علينا أن جعل بيننا الحب والمودة،
والتي بدونها لا يعيش الإنسان متوافقا مع من حوله.. فالدنيا خُلقت وزُيّنت للذين
يحِبُّون، أما الذين لا يحِبُّون وإن
أبصرهم الناس فهم ميتون.. ميتون. فالمحبة
هي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وهي الحياة التي من حُرمها فهو في جملة الموات.
ألم تكن لعائشة رضي
الله عنها، منزلة خاصة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُظهر ذلك الحب
ولا يخفيه، فقد جاء أن عَمرو بن العاص رضي
الله عنهما، سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أيُّ الناس أحب إليك يا رسول الله؟.
قال: عائشة. قال: فمِن الرجال؟. قال:
أبوها". متفق عليه. وها هي
ذا- رضي الله عنها- تقول لرسو ل الله صلى الله عليه وسلم: "والله إني لأحبك
وأحب قربك".
ألم يَروِ ابن عمر رضي
الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم:
"كان إذا سافر، كان آخر الناس عهدا به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أول الناس
به عهدا فاطمة".
بل قد لا تصدقون أنّ على وجه الأرض من لدن آدم عليه
السلام إلى يوم القيامة، رجلين تحابّا، كمحبة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه
لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها السيدات
والسادة: اعلموا أن الحب داخل الأسرة شيء ضروري، بدونه لا تنشأ أسرة سوية، وأبناء
معتدلين متحابين.. واعلموا أنّ محركنا إلى الحب ـ نحن كؤمنين ـ هو دافع فطري ذاتي
وداخلي، ودافع ايماني.. الحب ـ أيها الأكارم ـ الكلمة الساحرة ذات الظلال
الرقيقة في النفس الإنسانية، يعكس الإسلام لها فهماً خاصاً، فالإسلام يعترف بعاطفة
الحب على أنها واحدة من أهم الدوافع الإنسانية والمحركات الفعالة في السلوك الفردي
والجماعي.
نعم.. إنّ الإسلام يشيع الحب بين أتباعه حتى
يكون المجتمع متآلفاً. أخرج أبو داود عن
أنس رضي الله عنه، أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر رجل به، فقال: يا رسول الله، إني أحب هذا،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أأعلمته"؟. قال: لا. قال: "أعلمه".
فلحقه، فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له.
نسأل الله أن يجعلنا ممن نجح في أسرته، ليجتمع
بهم في الدنيا على أحسن حال، وفي الآخرة في جنان الخلد، ونسأله سبحانه أن جعلنا
متحابين متآلفين متزاورين متباذلين فيه.. إنه ولي ذلك
والقادر عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق