الخميس، 7 فبراير 2013

مناقشة علمية



    قرأت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هذه الآية، فاتجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائلة: "من هم يا رسول الله الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة؟. أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ويعصون الله ويخافون؟.

فقال لها الرسول: لا .. يا بنت الصّدّيق، إنما هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويتقربون إلى الله بالطاعات ويخافون ألا تقبل منهم!.

  أحبتي: هذه مناقشة علمية عميقة، وحوار فكري سليم، وتفكير وفهم يدلان على تدبر للقرآن الكريم من الصّدّيقة بنت الصّدّيق رضي الله عنها، وإجابة سديدة رشيدة من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، مقنعة حكيمة رفيعة المستوى، مصدرها الوحي، "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى".

    فقد فهمت أم المؤمنين أن الذين توجل قلوبهم، إنما هم الذين تقع منهم المعاصي ويخافون وقوفهم وسؤالهم بين يدي الله عزّ وجلّ، وهذا هو المتبادر إلى الذهن... 
    لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله يبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، والمؤيد بالوحي من عند الله، أفهم الصّدّيقة المعنى المراد، الذي يدل على أكمل الإيمان، وأسمى المعرفة بالله تبارك وتعالى، والذي يدل على حسن المراقبة لله، وعلى الإخلاص الصادق والتوكل عليه سبحانه.. لا على الأعمال..
   فكانت هذه الإجابة مبيّنة لقدر هؤلاء الذين يؤتون ما آتوا من أعمال صالحة، وطاعات خالصة لله رب العالمين، ثم لا يرون لأنفسهم عملا ولا فضلا، ولا ينسبون لأنفسهم طاعة، ذلك لأنهم يخشون أن تكون رياح العجب قد هبت على أعمالهم فدمّرتها، وأن مناجل الرياء قد بددتها، فهم مؤمنون بان الله يعلم ما بأنفسهم، فيخافون ويفوضون امرهم إليه سبحانه، متضرعين مبتهلين، يسألونه الرضا والقبول....

   فهذا هو حال المؤمنين وديدن المتقين، وطريق المجتهدين، وأسلوب الطائعين.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم .. إن التشبه بالكرام فلاح
  نسأل الله تعالى أن يرزقنا خشيته، وأن يعمر قلوبنا بخوفه، وأن يوفقنا لطاعته، وأن يؤمن خوفنا يوم لقياه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق