قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم:
"والصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلةٌ كعدوٍّ وقحطٍ ووباءٍ وعطشٍ وضررٍ ظاهرٍ
بالمسلمين ونحو ذلك، قنّتوا في جميع الصلوات المكتوبات".
القنوت: يطلق على معان منه: القيام والسكوت ودوام العبادة والدعاء والتسبيح والخشوع وغير ذلك، ولكن المراد به هنا: الدعاء في الصلاة في محل مخصوص.
القنوت: يطلق على معان منه: القيام والسكوت ودوام العبادة والدعاء والتسبيح والخشوع وغير ذلك، ولكن المراد به هنا: الدعاء في الصلاة في محل مخصوص.
والنوازل: في اللغة جمع نازلة، وهي الشديدة من شدائد الدهر،
تحصل وتقع..
وقنوت النوازل: هو الدعاء في النوازل التي تنزل بالمسلمين
لدفع أذَى عدوّ، أو رفعه، أو رفع بلاء، ونحو ذلك. وهو من الأمور المشروعة في
الصلاة، بل هو من السنن الثابتة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا نزل بالمسلمين نازلة، كوباءٍ أو مطرٍ يضرّ بالعمران
والزرع، أو خوفِ عدو، أو أسْرِ عالم، أو عدوان أو قتال بين المسلمين، شرع لهم
القنوت في الركعة الأخيرة من جميع الصلوات المكتوبات قبل الركوع أو بعده.. على
خلاف بين الفقهاء ليس هنا كبير فائدة لذكره.
جاء في الصحيحين عن أَنس رضي اللَّه عنه قال: "بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: رِعْلٌ وَذَكْوَانُ عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ مَعُونَةَ. فَقَالَ الْقَوْمُ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُمْ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ". رواه البخاري.
جاء في الصحيحين عن أَنس رضي اللَّه عنه قال: "بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ، فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: رِعْلٌ وَذَكْوَانُ عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا بِئْرُ مَعُونَةَ. فَقَالَ الْقَوْمُ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ فِي حَاجَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُمْ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ". رواه البخاري.
وعنه، رضي اللَّه عنه: "أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ
وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ
كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ
وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ
وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ
عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ. قَالَ أَنَسٌ:
فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ: "بَلِّغُوا عَنَّا
قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا". رواه
البخاري.
وعنه وعن أنس رضي الله عنهما: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَّتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الأخِيرَةِ فِي صَلَاةٍ
شَهْراً: "اللَّهُمَّ أنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الوَلِيد، اللَّهُمَّ أنْجِ
سَلَمَةَ بَنَ هِشَام، اللهُمَّ أنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أنْجِ
الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى
مُضَر، اللَّهُمَ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِّي يُوسُفَ". متفق
عليه. إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار الكثيرة المشهورة.
قال ابن تيمية رحمه الله: "القنوتُ مسنونٌ عند النوازل،
وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث، وهو المأثور عن الخلفاء
الراشدين". (مجموع الفتاوى 23: 108).
بل إن كثيرا من أهل العلم قالوا بوجوب قنوت النوازل، وقالوا إنه فعل الأئمة، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 6/202 بسنده عن يحي ابن سعيد أنه كان يقول: "يجب الدعاء إذا وغلت الجيوش في بلاد العدو (يعني القنوت) قال: وكذلك كانت الأئمة تفعل".
بل إن كثيرا من أهل العلم قالوا بوجوب قنوت النوازل، وقالوا إنه فعل الأئمة، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 6/202 بسنده عن يحي ابن سعيد أنه كان يقول: "يجب الدعاء إذا وغلت الجيوش في بلاد العدو (يعني القنوت) قال: وكذلك كانت الأئمة تفعل".
فإذا كان ما يحصل في علمنا الإسلامي اليوم ليس بنازلة، فما
النازلة إذن؟.
إنها فتن تزلزل القلوب وتحير العقول، ولا يسلم من شرّها إلا
من ثبته الله تعالى ورزقه بصيرة يبصر بها الحق وينصف بها الخلق. نعم إن الأمة
الاسلامية أصيبت اليوم بجراحات وشدائد غائرة في مشارق الارض ومغاربها، بل لا يكاد
يمر أسبوع أو شهر إلا وتنزل بالأمة نازلة أو أكثر، وخاصة في ظل هذا التآمر على المسلمين،
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك الامم تداعى عليكم كما تداعى
الاكلة الى قصعتها"..
أو ليس في هذا ما يدعونا إلى التضرع إلى الله واللجوء إليه؟..
ألسنا في حاجة إلى هذا الدواء؟.
حتى إذا لم يكن هناك سبيل إلى القنوت، ألم يأمرنا ربنا سبحانه بدعائه والتضرع إليه، لا سيما عند الشدائد والكربات، وأخبر أنه لا يجيب المضطر ولا يكشف الضر إلا هو، فقال سبحانه: "أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء". سورة النمل: 62.
حتى إذا لم يكن هناك سبيل إلى القنوت، ألم يأمرنا ربنا سبحانه بدعائه والتضرع إليه، لا سيما عند الشدائد والكربات، وأخبر أنه لا يجيب المضطر ولا يكشف الضر إلا هو، فقال سبحانه: "أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء". سورة النمل: 62.
وذم الذين يعرضون عن
دعائه عند نزول المصائب، وحدوث البأساء، والضراء، فقال: "وَمَا أَرْسَلْنَا
فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء
لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ". سورة الأعراف:94 . وقال تعالى: "وَلَقَدْ
أَرْسَلنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْبَأْسَاء
وَٱلضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ، فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا
تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ مَا
كَانُواّ يَعْمَلُونَ". سورة الأنعام: 42:43.
ألا إن دواءنا بأيدينا فلسنا مرضي، وسعادتنا معنا فلسنا
أشقياء.. وإن سألتم عن ذلك كان الجواب:
صِدْقُ الالتجاء إلى الله. قال تعالى: "فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا). الأنعام:43. كم هو لطيف هذا الكلام بهذا الأسلوب، هلاّ تضرعوا عندما وجدوا الشدة!.
صِدْقُ الالتجاء إلى الله. قال تعالى: "فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا). الأنعام:43. كم هو لطيف هذا الكلام بهذا الأسلوب، هلاّ تضرعوا عندما وجدوا الشدة!.
وبعد، فعلى كل مسلم أن يتعوذ من الفتن قبل وقوعها وحين
وقوعها، في الصلوات والخلوات، وأن يلحّ في دعائه على الله تعالى، لأنّ كلّ الخير
بيديه، والشكوى إليه، ألم يك نبينا صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ هرع إلى
الصلاة، بل ألم يأمرنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتعوُّذ من الفتن في كل صلاة، قال
- عليه الصلاة والسلام: "إذا تشهَّد أحدكم فليستعِذ بالله من أربع، يقول:
اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر
فتنة المسيح الدجَّال". رواه مسلم.
وصح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أنه قال: "تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاءٌ كدعاء الغريق". رواه ابن أبي شيبة.
وصح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أنه قال: "تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاءٌ كدعاء الغريق". رواه ابن أبي شيبة.
أحبتي: هذه ما قلت، ولم أقصد لمَّ الجوانب، وجمع الأطراف،
واستيفاء القول؛ لأن الكلام في هذا طويل، والمجال قليل، والغرض التنبيه. وآمل أني
قد وُفِّقْتُ بوضع النقاط على الحروف، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الثبات على دينه والإستقامة عليه،
كما نسأله -سبحانه- أن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن، وأن يجعلنا من
المتقين. اللهم إنا نسألك بعزتك التي لا ترام، وبملكك الذي لا يضام، أن تنصر دينك،
وكتابك، وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين، يا ذا الجلال والإكرام ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق