عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه، عن النبي
صلى الله عليه وسلم، قال: "إياكم والجلوس في الطرقات"، فقالوا: يا رسول
الله مالنا من مجالسنا بُدّ، نتحدث فيها!. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه"، قالوا: وما حقّ الطريق يا
رسول الله؟ قال: "غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف،
والنهي عن المنكر". متفق عليه.
لقد حاور النبي صلى الله عليه وسلّم أصحابه
فيما يتعلق بالطرقات، ورسم لها حقوقا، إنها حقوق اجتماعية واجبة على كلّ جالس
ومتحرّك من أبناء المجتمع، فإماطة الأذى من شعب الإيمان.
ماذا يعني الأذى؟.
إنّ
الأذى في اللغة يعني الضرر الحسّي والضرر المعنوي، ويا ليتنا لا نجد للأذى مكانا
إلاّ في كلمات اللغة!.
ولكن ما أكثر مظاهر هذا الأذى في
البيوت والمستشفيات. ليس غريبا ولا عجيبا أن يطلق بعض الإعلاميّين والمتابعين
لحوادث السيارات لهذا الأذى، بإرهاب الطرقات!. هذه الحوادث المرورية التي أرّقت
الجفون وأراقت العيون! وما
لها ألاّ تفعل؟
فأنت يا صاحب السيارة: استمع جيدا لهذا
الحديث، واعلم أنّ الطريق ليس لك وحدك، فمَن خلفك ومَن أمامك وعن جانبيك، كلهم
شركاء لك في الطريق، وكلٌّ مثلك يريد قضاء حاجته، فلنكن متواضعِين في أنفسنا،
ولنجتنب الغرور والخداع.
نقول هذا، لأننا نرى بعضا من أصحاب السيارات يسوقون بتهور، وكأن الطريق لهم
وحدهم، يتجاوزون عن اليمين والشمال، يتسابقون في الطرقات العامة سباقا لا لهدف سليم،
ولكن مفاخرة وإعجابا بالنفوس ـ وقد نقول: بسيارات ما تعبوا على أثمانها، ولا بذلوا
فيها جهدا، هيأها لهم آباؤهم ـ فهم لا يبالون، أتلفوا اليوم ويعوضون غدا، أو
مؤمَّن عليهم لا يبالون بما يفعلون.
وتعجب أكثر عندما ترى أن بعضا من سواق سيارات
الأجرة يتوقف فجأة بسيارته، متى ما رأى من يشير إليه، دون مبالاة بالطريق ومَن
خلفه ومن أمامه، كل هذه التصرفات الخاطئة تحمّل المسلم إثما عظيما. وما
مردّ ذلك إلا غياب الأخلاق والسلوك والجهل الذريع بأنظمة السير وقواعد المرور..
وقبل ذلك وبعده غياب خلق الحياء الذي هو من الإيمان.
فلا يغرنك
ـ أخي ـ أنك ماهر ومتفنن في قيادة السيارة، أو أنّ عندك شهادة التأمين، وأن مؤسسة
التأمين ستعفيك عن المسؤوليّة، إن أعفيت عن المسؤولية في الدنيا فبأي شيء تلاقي
الله يوم قدومك عليه؟!
ليت الناس وخاصة مستعملي الطرق ـ راكبين ومشاة ـ ينفذون
هذا التوجيه النبوي ويميطون الأذى عن الطريق.
فيا رعاكم الله: لا تهلكوا
مع الهالكين، وعليكم بأسباب السلامة، التي هي الرفق والانتباه للطريق، واليقظة
الدائمة مع الاعتماد على الله، والمحافظة على الأنفس والأموال، والتزام الأدب
والطمأنينة واتباع أنظمة المرور، "وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد
العقاب"..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق