السبت، 26 يناير 2013

وقفــة مع آيــة



       أيها الأكارم اقرأوا معي الآيات الثلاث:(153،152،152) من سورة الأنعام، وهي تأمر باسترعاء السمع، ثم تعلم وترشد.

      قال تعالى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". (153) ) سورة الأنعام.

   
قد انقسمت الأحكام في الآيات إلى ما به إصلاح الحالة الاجتماعية بين الناس، وإلى ما به حفظ نظام تعامل الناس بعضهم مع بعض، وأخيرا إلى تباع صراط الله المستقيم.  
   وقد خُتم كل قسم من هذه الأقسام بالوصاية بقوله تعالى: "ذلكم وصاكم به" ثلاث مرات.
  
فالنهي عن الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل الأولاد وقتل النفس، قال تعالى: "ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون". 
   وفي قرب مال اليتيم وإيفاء الكيل والميزان والعدل والوفاء بالعهد، قال تعالى: "ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون".   
  لنسأل سؤالا، لماذا في الأحكام الأولى قال: "لعلكم تعقلون". وفي الثانية قال سبحانه: "لعلكم تذكرون"؟.

   
ذلكم ـ أيها الكرام ـ والله أعلم بمراده: لأن المحرّمات المذكورة في الأحكام الأولى، قبيحة في العقول، يحتاج في زمّ النفس عنها إلى زاجر من عقل يدفع الهوى، لا إلى كتاب أو درس أو رأي أو استبيان، "لعلكم تعقلون"، أي تصيروا ذوي عقول .

     فملابسة هذه المحرمات: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس"، ينبئ عن خساسة عقل، حيث يُنزّل ملابسوها منزلة من لا يعقل، فذلك رُجي أن يعقلوا !. فمن لديه أدنى مسكة من عقل، يدرك أن عقوق الوالدين حرام، ومن في عقله أثارة من فهم، يدرك أن قتل النفس بغير حق حرام!.

     هذا هو أسلوب القرآن الكريم، أسلوب لا يضاهى ولا يعارض في مبناه ولا في معناه, قال تعالى:  "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) سورة فصلت.
ألفاظه كعقود الدرّ ساطعـة ** وآيـة لظـلام الجهـل أقمار
رقّت معانيه إذ دقّت لطائفه ** فأمعنت فيـه ألبـابٌ وأفكـار
كفى به لأولي الألباب تبصرة ** أن أنصفوا وبحكم العقل ما جاروا
بـه هدى الله أقوامًا وأيّدهم ** فأصبحوا وعلى المنهاج قد ساروا

    ألا فليكن لكم من تدبُّر كتاب الله خير عُدَّةٍ تعتدُّونها، وأقوى باعثٍ على العمل بما يُحبُّه ربُّكم ويرضاه.
      اللهم أعنا جميعاً على العناية بكتابك وتدبره، اللهمّ اجعلنا ممّن يحلّ حلاله، ويحرمّ حرامه، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه. اللهمّ اجعلنا ممّن يقيم حدودَه، ولا تجعلنا ممّن يقيم حروفَه ويضيِّع حدودَه. اللهمّ ثبّتنا على القرآن، وأمِتنا على العمَل به واتّباعه، إنّك على كلّ شيء قدير، ولا تزِغ قلوبَنا بعد إذ هدَيتنا، وهَب لنا من لدُنك رحمةً إنّك أنت الوهّاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق