عن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول صلى الله عليه وسلم: "من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة". رواه البزار واللفظ له، والطبراني في الصغير وابن حبان في صحيحه. ورواه ابن خزيمة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ولفظه: "ومن بنى مسجدا كمفحص قطاة أو أصغر، بنى الله له بيتا في الجنة".
مفحص القطاة: المكان الذي تبيض فيه القطاة وتفرخ. قال الحافظ المنذري: مفحص القطاة بفتح الميم والحاء المهملة هو مجثمها.
والقطاة واحدة القطا، طائر صحراوي هو معروف من أنواع الحمام. يضرب به المثل في الاهتِداء. وسميت قطاة: لحكاية صوتها فإنها تقول كذلك.
قال في حياة الحيوان لما تكلم على حديث مفحص القطاة: هو بفتح الميم موضعها الذي تجثم فيه وتبيض، كأنها تفحص عنه التراب أي تكشفه، والفحص البحث والكشف.
وخص القطاة بهذا والله أعلم:
1 ـ لأنها لا تبيض في شجرة ولا على رأس جبل، إنما تجعل مجثمها وعشها على بسيط الأرض دون سائر الطير، فلذلك شبه به المسجد.
2 ـ ولأنها توصف بالصدق، ففيه إشارة إلى اعتبار إخلاص النية وصدقها في البناء، كما قاله أبو الحسن الشاذلي.
وبعد هذا فاعلم ـ أخي ـ وفقني الله وإياك لكل فعل حميد، وعمل سديد ، وقول مفيد:
أن الحديث صرّح بما هو أصغر من مفحص القطاة كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه، ومفحص القطاة لا يمكن بحال أن يتسع لمصل، فدل على أن أيّ تبرع يُسهم في بناء مسجد، موعودٌ صاحبه ببيت في الجنة.
وفي هذا الحديث ومما جاء في معناه: الترغيب الكبير في بناء المساجد ولو كانت صغيرة، والترغيب في المساهمة في بنائها ولو بالشيء اليسير، فمن فعل ذلك مخلصا لله بنى الله له بيتاً في الجنة، وما ظنك ببيت في الجنة، إذا كان مقدار الشبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها..
ألا .. فهنيئاً لمن ساهم في بناء بيت لله ولو بالقليل، وهنيئاً لمن كان من عمارها بالصلاة والذكر وقراءة القرآن. أولئك في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله.. جعلنا الله وإياكم منهم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق