الرشوة هي أسلوب من أساليب الإحتيال لاستلاب
حقوق الآخرين، وحرمان المستحقين من حقوقهم الثابتة، أو التي يجب أن تثبت لهم .
والرَِّشوة بفتح الراء أو كسرها، مأخوذة من الرشا أو الرشاء،
وهو: الدلو، أو الحبل الذي يدلى في البئر
من أجل الحصول علي الماء أو غيره..
فهو يمد للحاكم
أو لموظف ما، حبال مودّته الكاذبة من أجل أن ينال ما يريد منه بأيسر طريق، وأخسّ وسيلة غير مبال بما
يترتب علي ذلك من العواقب المهلكة، والجرائم المزرية بالأخلاق والقيم.
جاء
في الحديث الصحيح أنَّ النبي -صلى الله عليه
وسلم-: "لعَن الراشِيَ والمُرتشي والرائش". وروى الطبرانيُّ بسَندٍ جيِّد
عنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "الراشِي والمُرتَشي في
النّار".
اللعن هو: الطرد من رحمة الله تعالى، والتعرض
لنقمته وغضبه وعذابه، نعوذ بالله من
ذلك، وهو لا يكون إلا في كبير. وفي
هذا الحديث ما يدل على أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يسمح بالرشوة، وينفر من
الاشتراك فيها، لأن الرشوة تشوه سمعة صاحبها في الدنيا، وتعرضه لغضب الله وعذابه
يوم القيامة، بما يعني أن الرشوة في نظر الإسلام جريمة لا يليق بالمؤمن أن يرتكبها،
أو يشترك فيها، أو يرضى بها، أو يسكت عنها.
ألا إنَّ الرشوةَ داءٌ خطير ومرض عضال، وفساد يسري في مجتمعات
المسلمين، فيحدث شرًّا وبلاءً. إنَّ الباذلَ لها أعان على الإثم والعدوان، وإن
الآخذ لها ساهم في تنفيذ هذا العدوان وهذا الشر والبلاء.
روى البخاري
ومسلم عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً
من الأزد، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه
وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: "ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا
لكم وهذا أهدي لي؟! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أو
لا؟! والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله
على عنقه". الحديث.
قال الخطابي رحمه الله: "في هذا بيان أن
هدايا العمال سُحت، وأنه ليس سبيلها سبيل الهدايا المباحة، وإنما يُهدى إليه
للمحاباة، وليخفِّف عن المُهدي، ويُسوِّغ له بعض الواجب عليه، وهو خيانة منه، وبخس
للحق الواجب عليه استيفاؤه لأهله" انتهى.
فيا
مَن جعَل الله حَاجاتِ الخلقِ عِندهم:
احذَروا أن تَضطرّوا عباد الله لما لا يُحمَد شرعًا، ولا
يُرتَضَى طبعًا، من كثرة التَّرداد والإلحاح والإستجداء، أو التنازل عن عزته
وكرامته، أو دفع الرشاوى المحرمة، فتبوؤوا بالإثم والغضب من الله جلا وعلا.
جاء
عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منَعوا
الحقَّ حتى اشتُرِي، وبَسَطوا الجورَ حتى افتُدِي".
فالله.. الله..
حافظوا على دينكم وأمانتكم، وابتعدوا عنِ كلّ ما يغضب ربكم، واجتنبوا الحرام الذي
يدمّركم ويدمّر بلادكم. هذا، والله المسئول أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق