قال الإمام الشافعي رحمه الله: "من
تفقه من بطون الكتب ضيَّع الأحكام" [تذكرة السامع والمتكلم/83].
إلى أحبتي في المنتديات والمجموعات، الذين يسجلون كأعضاء ثم يبدأون النقاش وإثارة
المسائل الخلافية في أمور الشرع، وهم ليس لها بأكفاء. أولئك الذين نراهم يبدون آراءهم
بحجَّة أنَّها وجهة نظرهم، ولا يعني أن تكون وجهة النظر صحيحة، وكأنَّ علم الشريعة
علم يُتناول على مائدة الحوار، الكل يبدي رأيه متوقعاً ومخمِّناً أنَّ ذلك هو
الحكم الشرعي! ألا إن من البلية في عصرنا: شيخ الصحيفة وشيخ القناة.
قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى:
"ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم". في الآية دليل على
المنع من الجدال لمن لا علم له، والحظر على من لا تحقيق عنده". وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن
تكلم في الدين بلا علم كان كاذبًا، وإن كان لا يتعمد الكذب". قال تعالى: "ولا تقفُ ما ليس لك به علم
إنَّ السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً". الإسراء.
ألا رحم الله زماناً جاء فيه، أنَّ الإمام مالك
قال: "إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة، فما اتَّفق لي فيها رأي إلى الآن".
فاحذر
أخي أن تكون من (الرؤوس الجهّال) أولئك الذين عناهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله
في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رسول الله ـ صلَّى الله
عليه وسلَّم ـ قال: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد،
ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتَّى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً
جهَّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا" [أخرجه البخاري1/174،175
في كتاب العلم، ومسلم واللفظ له4/258].
قال مالك بن نبي رحمه الله: "والحقيقة
أنَّنا قبل خمسين عاماً كنَّا نعرف مرضاً واحداً يمكن علاجه، هو الجهل والأميَّة،
ولكننا اليوم أصبحنا نرى مرضاً جديداً مستعصياً هو(التعالم). وإن شئت فقل:
الحرفيَّة في التعلُّم؛ والصعوبة كلَّ الصعوبة في مداواته. وهكذا فقد أتيح لجيلنا
أن يرى خلال النصف الأخير من هذا القرن ظهور نموذجين من أفراد في مجتمعنا: حامل
المرقعات ذي الثياب البالية، وحامل اللافتات العلميَّة) [شروط النهضة/91 ].
كلّ من
يدَّعي بما ليس فيه .. فضحته شواهد الامتحان
فيا أخَيّ: احتط لدينك، ولا تختار الهوى على
الهدى، اعرف من أين تأخذ علمك، فليس كلّ من صُدِّر في الصحف والقنوات فقيهُ يؤخذ
بفتواه، واختر لنفسك عالماً متفقِّهاً في دين الله تنهل منه العلم والأدب، فللعلم آداب، والسعيد من طرقه
من أبوابه وتحلى بآدابه. و"من يرد الله به خيرا يفقهه في
الدين".
قال الإمام ابن جماعة رحمه
اللَّه: "وليجتهد ـ أي طالب العلم ـ على أن يكون الشيخ ممّن له على العلوم
الشرعية تمام الإطلاع، وله مع من يوثق به من مشايخ عصره كثرةُ بحثٍ وطولُ اجتماع،
لا ممّن أخذ عن بطون الأوراق، ولم يعرف بصحبة المشائخ الحذّاق».
مَـنْ
يَـأخُذِ العِلْمَ عَـنْ شَـيـخٍ مُـشافَـهَـة يَـكُـنْ
مِـنَ الزَّيـغِ و التَّـحْريفِ فِي حَـرَمِ
و مَـنْ يَـكُنْ آخِـذًا لِلْعِلْمِ عَـنْ صُـحُـفٍ.. فَـعِـلْـمُـهُ عِـنْـدَ أَهْــلِ العِلْـمِ كَالعَــدَمِ
و مَـنْ يَـكُنْ آخِـذًا لِلْعِلْمِ عَـنْ صُـحُـفٍ.. فَـعِـلْـمُـهُ عِـنْـدَ أَهْــلِ العِلْـمِ كَالعَــدَمِ
اللهم
امنحنا الفقه في الدين يا رب العالمين، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا
يخشع، وعين لا تدمع، ودعاء لا يسمع، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا،
وزدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، يا أرحم الراحمين. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد
أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق