الجمعة، 31 يناير 2014

فليعمل العاملون لإيقاظ وعي الأمة







 قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". آل عمران: 103.   

في هذه الآية ـ رحمني الله وإياكم ـ جاء الأمر الإلهي حاسما قاطعا في عبارة قصيرة، تبدأ بالحث على التمسك بحبل الله، وتحذر في الوقت نفسه من التفرق.  

وفي آية أخرى يأتي التنبيه إلى نتيجة هذا التفرق والتنازع، قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم". الأنفال: 46.  

نتيجة التفرق هو الفشل، والتي تكون نتيجته النهائية هو ذهاب قوة الأمة وضياع عزّها ومنعتها، وذلك هو واقعنا المؤلم الذي نعيشه، ولا حول ولا قوة إلا بالله..  

فما لنا نرى الإسلامية قد تفرقت السبل بين أبنائها؟.
فهل أبناء هذه الأمة يجهلون أبعاد الإعتصام بحبل الله، والتآلف والوحدة؟.
أم أنهم يدركون ذلك ويعملون في الإتجاه المعاكس؟.  
فإن كانت الأولى، فتلك مصيبة. وإن كانت الثانية فالمصيبة أعظم!!.  

ألا فليعمل العاملون لإيقاظ وعي الأمة، ودعوتها إلى التمسك بحبل الله، ففي ذلك عزّتها ومنعتها، ولا يأس من روح الله..  

فالأمل في غد مشرق، وبهذا جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والله غالب على أمره، وهو يقول الحق وهدي السبيل.

السبت، 25 يناير 2014

مع سورة الكهف



  تعالوا لندخل إلى الكهف العاصم من الفتن:

أجلس رفقتكم الليلة على مائدة فيها إرهافٌ للوجدان، وإيقاظٌ للشعور، وشفاءٌ للنفوس، وغذاءٌ للأرواح.
    نجلس مع تلاوة عطرة ندية مؤثرة، بصوت تشع منه نفحات التخشع.
 نجلس مع الشيخ الفاضل: خالد الجليل، إمام وخطيب جامع الملك خالد بأم الحمام، وهو يتلو على مسامعنا سورة الكهف برواية حفص عن عاصم.
ولكن قبل ذلك فلا بد من كلام بين يدي السورة:
أقول وبالله أستعين: هذه السورة جاء في فضل قراءة هذه السورة يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها:

 1ـ روى مسلم وأبو داوود عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من حفظ عشر آيات من أول الكهف"، وفي رواية لمسلم: "من آخر الكهف، عُصم فتنة الدجال". ورواه الترمذي عن أبي الدرداء بلفظ: "من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال". قال الترمذي حديث حسن صحيح.

2 ـ عن أبي سعيد الخدري قال: " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق". رواه الدارمي، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
  
 3 ـ وقال صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين". رواه الحاكم والبيهقي. قال فيه ابن حجر في "تخريج الأذكار": حديث حسن، وقال: وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف.
4 ـ روى الديلمي في مسند الفردوس عن أنس قال: "نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة". وقد أغفل هذا صاحب الإتقان.
وسورة الكهف مكية. عدا الآية 38 ، ومن الآية 86 إلى 151 فمدنية، وهي من المئين، عدد آياتها عند قراء البصرة مائة وإحدى عشرة ، وفي عدّ قراء الكوفة مائة وعشرا ، بناء على اختلافهم في تقسيم بعض الآيات إلى آيتين ، ترتيبها الثامنة عشرة  في المصحف، أما في ترتيب النزول فهي الثامنة والستون عند جابر بن زيد ، نزلت بعد سورة "الغاشية". هي إحدى خمس سور بدأت بجملة "الحمد لله"، بالإضافة إلى الفاتحة والأنعام وسبأ وفاطر.
 فيها قصص أربع، يربطها محور واحد، وهو أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة:

1 ـ فتنة الدين: قصة أهل الكهف
2 ـ فتنة المال: صاحب الجنتين
3 ـ فتنة العلم: موسى عليه السلام والخضر
4 ـ فتنة السلطة: ذو القرنين 
وهذه الفتن شديدة على الناس والمحرك الرئيسي لها هو الشيطان الذي يزيّن هذه الفتن، ولذا جاءت الآية: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) آية 50 من السورة ذاتها.
 ولذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من قرأها عصمه الله تعالى من فتنة المسيح الدجّال، لأنه سيأتي بهذه الفتن الأربعة ليفتن الناس بها. وقد جاء في الحديث الشريف: "من خلق آدم حتى قيام الساعة، ما فتنة أشدّ من فتنة المسيح الدجال" وكان يستعيذ في صلاته من أربع، منها فتنة المسيح الدجال. 
ويأتي ختام السورة بآية خطيرة، ما زلت محتاراً بها، وهي قول الله قل هل ننبئُكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
وكأنها ملخّص السورة، أو هي النتيجة الختامية لها:
 أي: احذر أيها الإنسان من أم الفتن، وهي أنْ تَظنّ أنك تحسن صنيعاً وأنت في ضلال مبين، حتى ولو كنت مؤمناً.. أو تظن أنك على ذلك! فالحل إذاً أن تراجع معتقداتك وأفكارك باستمرار، وتجتهد فيما آتاك الله من عقل بحسن النظر والفكر والتمحيص، والحق ليس بمعجز، فالله "لم يمتحنّا بما تعيا العقول به". كما قال البوصيري رحمه الله.
ألا وأخيرا تأمل معي براعة اختتام السورة: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا".
أي أن ذاك الذي جمع بين المتابعة والإخلاص، هو الذي ينال ما يرجو ويطلب. وأما من عدا ذلك فإنه خاسر في دنياه وأخراه، فقد فاته القرب من مولاه ونيل رضاه، لأنه تأخر عن دخول كهف النجاة..

   فاستمعوا وأنصتوا ـ يرحمني وإياكم الله ـ ولكم أزجي جزيل شكري وأصدق دعواتي ممزوجة بالاعتذار فيما تركتكم فيه من انتظار،  وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، موافقاً لمرضاته، نافعاً لعباده، والحمد لله رب العالمين..

الخميس، 23 يناير 2014

لو تركنا هذا الباب للنساء






   هل علِمت ـ رحمك الله ـ كيف كان الصحابة يتلقون القول النبوي؟.

   كانوا رضوان الله عليهم يتلقونه باستشعار أنه نور، فلا تسل بعد ذلك عن عملهم وتشبثهم بهذا النور. سرعة الاستجابة والطاعة والامتثال.

    وحين نقترب من سيرتهم ترى صورا براقة، ولوحات وضاءة، يعز نظيرها وتكرارها، ولو أخذنا أيّ صحابي كمثال أو نموذج لوجدناه يمثل أحد جوانب التأسّي الكلّي لجيل الصحابة رضوان الله عنهم.

وإليك هذا المثال:
   سمع ابن عمر رضي الله عنه ـ ذلك الشاب اليافع ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى باب من أبواب المسجد فيقول: "لو تركنا هذا الباب للنساء".

     إنه مجرد عرض واقتراح وليس أمراً ملزماً، فكيف استجاب عبد الله بن عمر لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لو تركنا هذا الباب للنساء"؟

كانت استجابته كالتالي: لم يدخل عبد الله بن عمر من هذا الباب حتى مات رضي الله عنه وعن أبيه.

    هذه ـ أيها الحبيب ـ إلماحة من سير الصحابة في إجلالهم للنص المحمدي، تأسياً وتسليماً، بلا حرج في النفوس، أو تنطع في البحث عن الحكمة..

    اللهم ارض عن صحابة نبيك الكريم واجزهم عنّا أفضل الجزاء وأعظمه, اللهم واعمر قلوبنا بمحبتهم يا ذا الجلال والإكرام..

السبت، 18 يناير 2014

نحري دون نحرك يا رسول الله



 
  
إليك ـ أيها المحب ـ هذا النموذج الفذّ.. إنه سيدنا طلحة بن عبيد الله..

    
يقول: أخفض رأسك يا رسول الله لا يصبك سهم، نحري دون نحرك يا رسول الله.
ويقذف النبي صلى الله عليه وسلم بسهم من السهام، فيراه طلحة فيضع يده حتى لا يصل السهم للنبي صلى الله عليه وسلم فيخترق السهم هذه اليد الطاهرة وتشل.

    
تخيّل الموقف.. السهم يتوجه الى النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة يضع يده ويقول: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك". رواه البخاري

   
وعن قيس بن أبي حازم قال: "رأيت يد طلحة شلاء، وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد". رواه البخاري.

  
فهل بعد هذا الحب من حب؟.
 
وهل بعد هذا البذل من بذل؟ .
 
وهل بعد هذه التضحية من تضحية؟.

  
كانوا رضوان الله عليهم يفدونه بأرواحهم وبآبائهم وأعراضهم، حتى سطر ذلك شعراؤهم، فقال حسان وهو أشعر شعرائهم:

                   
فإنّ أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم فداء

 
ألا خرصت ألسنٌ تتكلم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
 
وشلت أيدي تكتب في ذم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
وأحرقت قلوب تُضمر وتُكنّ البغض والعداء لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 
ألا فلنحفظ لهؤلاء الصّحابة قدرهم، فحبهم إيمان وطاعة وإحسان، وبغضهم نفاق وشقاق وعصيان.

  
اللهم ارض عن صحابة نبيك الكريم، اللهم ارض عن صحابة نبيك الكريم، واجزهم عنّا أفضل الجزاء وأعظمه، اللهم واعمر قلوبنا بمحبتهم يا ذا الجلال والإكرام، ووفقنا لاحترامهم ومعرفة قدرهم يا حيُّ يا قيّوم، واغفر لنا ولمن سبقنا بالإيمان برحمتك يا أرحم الراحمين..
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق