السبت، 22 يونيو 2013

أسموه ربيعا عربيا، ولكن كأني بهم الآن يرضون من الغنيمة بالإياب



 

اندلعت في أكثر من بلد عربي ثورات شعبية عارمة، تمكنت من إسقاط أنظمة، وهز عروش أخرى، وخلقت واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا جديدا، كان من المفترض أن ينشأ عنه تغيرات تتناسب مع مستوى الحدث، لكن النتائج فاجأت البعض، بل أتت مخيبة لآمال الكثيرين.

 أعتقد انه ما كان لقادة الربيع العربي ـ المزعوم ـ أن يهاجروا إلى الشرق: إلى أحضان الصين وروسيا، ولا إلى الغرب: أوربا وأمريكا.. 

ألم يقرأ هؤلاء قول ربهم تبارك وتعالى محذراً من الانحياز إلى أعداء الله عز وجل، وتوليهم وطاعتهم فيما تقوم عليه الأمة من مبادئ ومن قيم، ومن محددات لسير حياتها قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾.
هكذا يقرر الله عز وجل عاقبة وخاتمة من يقول لأعداء الله سنطيعهم في بعض الأمر، فكيف من يقول سنطيعكم في كل الأمر.." فأحبط أعمالهم".

 نعم ـ أقول والله يغفر لي ولكم ـ أعتقد أن كثيرا من رواد تلك الثورات يرددون قول امرئ القيس الذي أراد أن ينتقم ممن قتل أباه فذهب إلى قيصر، وبعد ذلك قال قولته المشهورة:

لقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب

فهل التخريب والقتل وترويع الآمنين، وتعطيل للخدمات، والتفرق والخراب والدمار، والفوضى العارمة.. ربيعا، إن بعضا من دعاة الثورات يقدمون السلوان والصبر ويقولون تلك: تباشير "الربيع العربي"، فكيف سيكون الوضع عندما يزهر ويثمر ذلك الربيع..  

 يا ليتهم يؤوبون إلى مكانهم من غير خسارة، فإننا نخاف أنهم حتى الإياب لا يجدونه ولا يصلون إليه، نسأل الله أن يصلح أحوال الناس..
ولتعذروني ـ أحبتي ـ فما هذه إلا حرقة والله، ورغبة في أن ينتبه هؤلاء ليرتفعوا ويرفعونا معهم إلى حيث يرضي الله..

وبعد، ألا إن هذه مرحلة هامة، تشكُّل محطة تاريخية في غاية الخطورة، والمقبل من الأيام سيكون له بصماته البينة في تاريخ المنطقة ولأمد طويل. فليحذر الذين يخالفون عن أمر الله أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم. أما من اتبع الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوحي الذي أنزله رب العالمين تبارك وتعالى، فقد تكفل الله عز وجل له، ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، قال تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى".

نسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال، وأن يبصِّرنا وإياكم بالحق، وأن يهدينا لاتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا وإياكم من المتعاونين على البر والتقوى، المعظمين لحرمات الله، المحافظين على أمن المسلمين في أوطانهم وفي ديارهم، القائمين بحق الله تبارك وتعالى، المجتمعين على طاعته، إنه تعالى سميعٌ مجيب الدعوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق