الأربعاء، 26 يونيو 2013

"إِمَّا يَبْلَغَنَّ عِنْدكَ الْكِبَرَ"



  قال تعالى: " وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً". الاسراء:23.


تأمل معي قوله تعالى: "إما".
فهذا اللفظ "مركب من كلمتين: "إن" و"ما". فكلمة: "إن" هي للشرط، وكذلك كلمة "ما" فهي أيضا للشرط.
 ولما جمع بين هاتين اللفظتين أفاد التأكيد في معنى الشرط، وهذا يفيد تأكيد الحكم المذكر وتقريره وإثباته على أقوى الوجوه..

فيا أيتها البنت، ويا أيها الولد: عند ما يبلغان إلى هذه المرحلة من الضعف والعجز كما كنت، فأنت مكلف في حقهما بخمسة أشياء:
1ـ لا تقل لهما أفّ.
2ـ لا تنهرهما.
3ـ قل لهما قولا كريما.
4ـ اخفض لهما جناح الذل من الرحمة.
5ـ قل رب ارحمهما كما ربياني صغير.

وتأمل معي ـ أيها الكريم ـ قول الله: "عندك: فإنه يلوح لك معنى لطيف وسرّ بديع.. ألا وهو: أن هذا هو الشأن.. متى بلغ الوالدان ـ أو أحدهما ـ الكبر، فوهن العظم، وضعف الجسم أن يكونا عند الإبن. قال ابن جزي: (ومعنى: "عندك" أي في بيتك وتحت كنفك).
هذا هو المعقول.. وهذا هو الذي يجب أن يكون.. ولعمري أن أهل النفوس الكريمة والقلوب الرحيمة إن هذا لهو شأنها، فطوبى لهم.

قل للأحبة في الأعناق ذكراكم



 قد يعاتبني بعضكم، ويفندني بعض آخر، ولكن عذري فيما أقول: رجاء أن يحسن لنا من بعدنا..

 أيها الأحبة: هل تعلمون أن بعض الأسماء كانت معنا في الفايس بوك ـ أصدقاءـ لنا  هم من أفناء الناس ونوازع القبائل، كنا نطمئن إليهم ونرتاح معهم،  يشاركوننا أفراحنا وأقراحنا، كان غيابهم يحزننا لأوقات قصيرة، وكانت مودتهم أقرب القرب وإن تباعدت الأجسام.. كنا نجد بهم ومعهم ألقًا في الجوارح وسعادةً في الروح، وبهجةً تغدو في الحنايا ولا تروح..

 وكان ميزاننا في ذلك كله، قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان". رواه أبو داود:4681 .

ولكن للأسف.. سقطت أسماؤهم من الفايس بوك، رحلوا بدون إذن، وتركوا في الصدر أماني يذبحها الغياب ..  

 قل للأحبة في الاعماق ذِكرَاكُمْ ..ويمضي الزمان ونبض القلب يهواكُمْ
جاءت رسائلنا تترى لتلقاكُمْ .. لا خيرَ فينا إذا يوما نسيناكُمْ

 سبب غيابهم يعلمه الملك الوهاب، وللغائب حجته، ومهما طالت مدة الغياب أو قصرت، كانوا أحياء أو أمواتا، فإن الوفاء لهم حق وواجب. وفي غيابهم تكبر محبتنا لهم..   نذكرهم وندعو لهم، نقرأ صفحاتنا لوحدنا ونزينها بألوان الحنين إليهم..

وإننا لنطمع أن نجتمع بهم وبكم في الآخرة، ـ فقد أخرج ابن حبان بإسناد صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أن من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء)) قيل: من هم لعلنا نحبهم؟.  قال:  (هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس"، ثم قرأ: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ".  يونس:62.ـ

وما ذلك على الله بعزيز.. ألا ما أجلّ وأسمى وأهنأ حياة عنوانها الحب في الله، فلتكن حياتنا كذلك، أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحب فيه.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك. اللهم اجعلنا من المتحابين فيك، ومن المتواصلين فيك، ومن المتناصحين فيك، ومن المتباذلين فيك..  واجعلنا من الذين يجتمعون ويتفرقون على طاعتك، وسدد خُطانا وثبتنا على الإيمان يا كريم، يا أرحم الراحمين يا رب العالمين. "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ".  والحمد لله رب العالمين.

ما قيمة المرء إذا فسد عقله



         أضم صوتي إلى صوت عقلاء العالم بإنقاذ المجتمعات من وَيْلات المخدرات..نعم.. إننا نتحدّث عن المخدّرات في وقتٍ ضجّت بالشكوى فيه البيوت، واصطلى بنارها من تعاطاها ومن عاشرها، وأحالت حياتَهم جحيمًا لا يُطاق، فوالدٌ يشكي وأمٌّ تبكي، وزوجةٌ حيرى وأولادٌ تائهون في ضيعةٍ كبرى، ومن عوفي فليحمدِ الله.
   قال عنها المنظرون: "إنّ خطرَ المخدّرات وتأثيرها المدمّر أشدُّ فتكًا من الحروب التي تأكل الأخضر واليابسَ، وتدمِّر الحضارات، وتقضي على القدرات وتعطّل الطاقات".
    المخدّرات تفسد العقل وتقطع النسل وتورث الجنون وتجلب الوساوس والهموم وأمراضًا عقليّة وعضويّة ليس لها شفاء، وتجعل صاحبَها حيوانًا هائجًا ليس له صاحب، وتُرديه في أَسوَأ المهالك، مع ما تورثه من قلّة الغيرة وزوال الحميّة؛ حتى يصير متعاطيها ديّوثًا وممسوخًا.
   المخدرات تفسد العقل والمزاج. وما قيمة المرء إذا فسد عقله ومزاجه؟ يتعاطى المسكرات والمخدرات، فيرتكب من الآثام والخطايا، ما تضج منه الأرجاء، وما يندم عليه حين يصحو، ولات ساعة مندم.. قال الحسن البصري رحمه الله: لو كان العقل يشترى، لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده!.
   أيها الأكارم: إنّ بلادَنا تواجه هجومًا شرسًا من جهاتٍ مشبوهة بخططٍ وأهداف بعيدة المدى؛ لتهريب المخدّرات وترويجها بين أبنائنا؛ لتحطيم البلاد كلِّها اجتماعيًّا واقتصاديًّا ودينيًّا وأخلاقيًّا وفي كلّ المجالات، حتى أضحت حرب المخدّرات أحدَ أنواع الحروب المعاصرة الخطيرة، والذي يقف في الميدان يدرك مدى ضراوةِ هذه الحرب 
.
   وبعد، إن هذا لنذير، لأن الحديث عن المخدرات حديث مؤلم، ولكن السكوت عنه لا يزيد الأمرَ إلا إيلامًا؛ لذا فلا بدّ من الوعي بحقائق الأمور وإدراك حجمِ الخطر، ثم التكاتُف والتآزر بين أفراد المجتمع ومؤسّساته؛ للحدّ من هذا الوباء وصدّه قبل استفحال الداء، ولا تقلْ ـ يا أخي ـ أنا أسرتي محافظة، نسأل الله أن يحفظ أسرنا جميعاً، لكن مع ذلك فقد تكون أنت أشد استهدافاً.

وأقول للجميع على الدوام ما من مشكلة يعاني منها المجتمع، إلا ونحن جميعاً مسؤولون عنها أفراداً وجماعات، ومنظمات، وهيئات رسمية وهيئات غير رسمية، المجتمع كل متداخل فلا بد من وعي، ولا بد من حركة نحو الإصلاح. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..

نسأل الله أن  يعافينا في أنفسنا وفي ديننا وأهلنا، وأن يقينا والمسلمين شرَّ هذه البلايا، ورأن يردَّ ضالَّ المسلمين إليه ردًّا جميلاً.

الأحد، 23 يونيو 2013

المنــــشقّ

 
  قصيدة (المنشق) من أجمل قصائد أحمد مطر الشاعر السوري الساخر، ولا أبالغ إن قلت إنه كان محقا في وصف حال الأمة العربية والإسلامية؛ إنها تلامس أشياء كثيرة، وبدون إطالة إليكموها:

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أكثَرُ الأشياءِ في بَلدَتِنـا
الأحـزابُ
والفَقْـرُ
وحالاتُ الطّـلاقِ .
عِنـدَنا عشرَةُ أحـزابٍ ونِصفُ الحِزبِ
في كُلِّ زُقــاقِ !
كُلُّهـا يسعـى إلى نبْـذِ الشِّقاقِ !
كُلّها يَنشَقُّ في السّاعـةِ شَقّينِ
ويَنشَـقُّ على الشَّقّينِ شَـقَّانِ
وَيَنشقّانِ عن شَقّيهِما ..
من أجـلِ تحقيـقِ الوِفـاقِ !
جَمَـراتٌ تَتهـاوى شَـرَراً
والبَـرْدُ بـاقِ
ثُمّ لا يبقـى لها 
إلاّ رمـادُ ا لاحتِـراقِ !
**
لَـمْ يَعُـدْ عنـدي رَفيـقٌ
رَغْـمَ أنَّ البلـدَةَ اكتَظّتْ
بآلافِ الرّفـاقِ ! 
ولِـذا شَكّلتُ من نَفسـيَ حِزبـاً
ثُـمّ إنّـي
- مِثلَ كلِّ النّاسِ – 
أعلَنتُ عن الحِـزْبِ انشِقاقي !
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق