الخميس، 7 مارس 2013

ما ذا أهديك؟




 ما ذا أهديك؟
في كل أيام عمرك ...أحتار أي الهدايا أهديكِ..
هم جعلوا لك عيدا ..وأنا جعلت كل أيامك أعيادا.
أنت جوهرة لا تستحقين الشيء البسيط..
كل الهدايا ... قليلة في حقكِ..
أأهديكِ قلبي ؟!.. كيف وأنتِ تسكنيه في كل أيامك ... أهديك كلماتي!!..
أهديك كلماتي،  إن كنتِ تقبلين بها.. وإن كان حبي لكِ أكبر من أن أعبر عنه ببعض الكلمات... ولكنها.. مجرد مشاعر قد أترجمتها لكِ حروفآ.. جميلات.
يا مديرة البيوت... يا حاضنة الأجيال... يا أمينة الأسرار ... يا موضع الكرامة..  يا مربية الأبطال.. يا موقع المدح والذم في الرجال.. !!!

نعم يتهادى الناس في أعيادهم أنواعا من الهدايا تختلف باختلاف أصحابها.. وقد فكرت في شيء أتحفك به وأهديك إياه... فلم أجد أسمى ولا أغلى من لوحتين كريمتين ـ وما أكثر اللوحات ـ من الصفحة الرائعة من سيرة جداتك، ومنتخب أقوالهن ...عسى أن تقتفي خطواتهن، وتسيري على آثارهن...

اللوحة الأولى:
سافر طلحة وترك ولده مريضا، ولما عاد من سفره وجد زوجته الرميصاء ـ أم سليم ـ تستقبله في حنان، وتقدم له الطعام، ولكن لهفته على صبيِّه لم يشغله عنها كلام ولا طعام، فسأل زوجته وهو لم يفرغ من الطعام: كيف الغلام؟ فلم تشأ أن تسرع إليه بما يدخل الكآبة عليه قبل أن يصيب من الطعام ما هو بحاجة إليه. فقالت: ـ وهي تغالب الإنفعال ـ بأحسن حال ولله الحمد، ثم قامت إلى بيتها، وأعدت نفسها لزوجها المحبوب خير إعداد، حتى نبهت ما كان غافيا من غرائزه وغلبته عواطفه وبلغ من ذلك ما أراد، ثم جلسا للحديث، فقالت له زوجه ـ تمهيدا للخبر الفاجع ـ : ألا تعجب من جيراننا؟ فقال: مالهم؟ قالت: أعيروا عارية فلما طلبت منهم جزعوا. قال: بئس ما صنعوا. قالت: هذا ابنك كان عارية من الله تعالى، وإن الله قد قبضه إليه، فلم يزد على أن قال: الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

تأملي معي في هذه اللوحة الفنية الرائعة التي تبرز فيها صورة التربية الإسلامية واضحة الملامح والسمات، وسجلي منها تلك الخلال النبيلة السامية من صبر وثبات لدى المكاره والأزمات، ومن حب وإخلاص ووفاء للزوج ومحافظة على كيانه، وحرص على راحته واطمئنانه.

هكذا أنشأ الإسلام المرأة... وهكذا يجب أن تكون.. حضنٌ رحيمٌ ودودٌ مهذبٌ كريمٌ صبورٌ، يأوي إليه الزوج فيجد فيه الأمن والهدوء والعطف والحنان، ويتنسم منه نسيم السكينة والقرار والإطمئنان من عنت الأيام ونكد الزمان، وكل ذلك تنضح به كلمة ( لتسكنوا) في قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".

اللوحة الثانية:
أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية. شهدت نسيبة يوم أحد مع زوجها وابناها، وخرجت معهم بقربة ماء تسقى الجرحى، فقاتلت وجرحت اثني عشر جرحاً، وكانت أول النهار تسقي المسلمين عندما كانت بشائر النصر لهم. ثم قاتلت حين كرَّ المشركون، وانحازت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تذب عنه بالسيف وترمى عنه بالقوس. ولما قصد ابن قميئة الرسول قاصداً قتله، اعترضته هي ومصعب بن عمير، وضربته عدة ضربات، ولكنه لم يتأثر كثيراً لأنه كان عليه درعان، وضربها بالسيف فجرحها جرحًا عظيمًا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان، ما التفت يمينًا أو شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني". وقالت أم عمارة عندما سمعت ثناء الرسول: ادع الله تعالى أن نرافقك في الجنة، فقال: "اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة"، فقالت: "ما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا".

هذه جدتك... الرجال لا يطيقون ثباتها وصبرها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بالنساء.
يا رعاكِ الله: متى كانت هذه ـ وتلك وأخريات كثيرات ـ قدواتك في الشجاعة والفداء والإقدام والثبات والصبر على هذا الطريق ... أفلحت بإذن الله.

ولن أرض بغير الفلاح هدية لك في كل أيام عمرك ...هنا ..وهناك...
وأخيرا.. اعلمي ـ أيتها المباركة ـ أن الحياة لا تقوم إلا على النوعين الذين يتوقف العمران عليها، وهما الرجال والنساء. وفي الإسلام: كتابه ـ القرآن الكريم ـ وحياة رسوله صلى الله عليه وسلم وتاريخ بدايته ـ آيات وأنباء ووقائع.. تدل على ذلك، وتدعو إلى اعتباره والعمل بموجبه.
ولن ينهض المسلمون نهضة حقيقية إسلامية إلا إذا شاركتهم المسلمات في نهضتهم في نطاق عملهن الذي حدده الإسلام، وعلى ما فرضه عليهن من صون واحتشام.

فارفعي رأسك -أختي المسلمة- وانظري بعين بصيرتك إلى أمهاتك وأخواتك من خير سلف الأمة، وسلي الله اللحاق بهن، واعملي عملهن، علَّكِ أن تلحقي بهن؛ فتُحشَري معهن، والمرء مع من أحب.
راقبي الله، وقومي بما أوجب الله عليكِ من تكاليف. وادعي إلى الله ما استطعتِ إلي ذلك سبيلا. (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا ممن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) وإذا قسى قلبك فتذكري كربًا بيد سواك، لا تدرين متي يغشاك، إنه الموت الذي لا بُدَّ منه. (كُلُّ نَفْسٍ ذائقة الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ). فالدنيا ليست مقر، وأن الفضيحة أمام الأولين والآخرين عظيمة... يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتقى الله بقلب سليم.
فاتق الله، ثم اتق الله، ثم اتق الله.

هذه هديتي يا رعاك الله.. هذه كلماتي .. نسجتها ... فاسمعيها بعيدا.. بعيدا .. عن إله الهوى والشهوات والمغريات، فربما رقّ القلب، فانقلب بعواطفه وأشجانه، وربما صحا الضمير فيحسّ بآلامه وآماله، وربما تنبه العقل ليتحرر بأفكاره وآرائه.
إنها هدية.. وإنها إشراقة ..لتشرق في سمائنا يا شروق !!. وهي الحنان من نبع لا يجف يا حنان !!. إنها الأمل الذي نرجوه يا أمل !! فهل أنت أمل فنعقد عليك الآمال ؟ أم أنت ألم فتزيدين الآلام آلاما.
هذه هديتي.. ولو كنت املك الهداية والسعادة لبذلتها لك، لكنها الكلمة الطيبة، والنصح الصادق، ففي القلب شفقة، وفي صدري حرقة، فمن يناديك مناداتي، ومن يناجيك مناجاتي، فهل تقبلين هديتي ... فتسمعين وتستجيبين؟.

وفقك الله ... بل وفَّقكنَّ الله لما يحب ويرضى، ووفَّقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى. نسأل الله أن يحفظ فتيات المسلمين من كيْد الكائدين، وتربص المتربصين. اللهم اجعلهن من الصالحات، وبالصالحات مقتديات،  وعن الضلال معرضات، وبالكتاب والسنة مقتديات.  اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. اللهم احفظ نساءنا وأزواجنا وبناتنا، اللهم جملهن بالحياء والعفة، واحفظهن بالحياء والحشمة، اللهم من أرادهن بسوء فرد كيده في نحره، واشغله بنفسه، ولا تبلغه -اللهم- غاية، واجعله -اللهم- لمن خلفه آية. اللهم إنا نسألك أن تحفظ مجتمعنا من شرور الفساد والانحلال في الأخلاق، اللهم يا أرحم الراحمين! يا رب العالمين احفظ علينا إيماننا في قلوبنا، وإسلامنا في سلوكنا وأخلاقنا ومعاملاتنا، واحفظ عفتنا وحياءنا برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجمع نساءنا في الدنيا على الإيمان، واجمعهن في الآخرة في جنات ونهَر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. اللهم وفِّق الرجال للقيام بمسئولياتهم فهم القوَّامون على النساء. اللهم واستر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن إيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بك –اللهم- أن نُغتال من تحتنا. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. أستغفرك وأتوب إليك. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق