رُوي عن إبراهيم بن بشار رحمه الله قال:
خرجت أنا وإبراهيم بن أدهم، وأبو يوسف الفولي، وأبو عبد الله السنجاري نريد الإسكندرية، فمررنا بنهر يُقال له: نهر الأردن، فقعدنا نستريح.
وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات، فألقاهم بين أيدينا فأكلنا وحمدنا الله، فقمت أسعى أتناول ماءً لإبراهيم، فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء ركبتيه، فمال بكفيه في الماء فملأها ثم قال: بسم الله وشرب، فقال: الحمد لله، ثم أنه خرج من النهر فمد رجليه، وقال: يا أبا يوسف، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف على ما نحن فيه من لذيذ العيش.
فقلت له: يا أبا إسحاق، طلب القوم الراحة والنعيم فأخطأوا الطريق المستقيم. فتبسَّم إبراهيم بن أدهم وكأنه يقر أبا يوسف.
ولست أرى السعادة جمع مال * ولكن التقي هو السعيد
نعم اعلم ـ رحمني الله وإياك ـ إنك إن عرفت الله وعبدته وجدت السعادةَ والراحة والهدوء، ولو كنت تملك كسيرات يابسات، وإن انحرفت فالشقاء والتعاسة، ولو كنت تسكن أرقى القصور وعندك كلّ المشتهيات..
ألا إنما السعادة والحياة الطيبة لمن آمن به وعمل صالحا. قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ". النحل:97.
قال أحدهم :
إنّي أويت لكـل مــــأوى في الحــياة * فما رأيت أعـــــزّ من مــــــأواكا
وتلمّستْ نفسي السبيل إلى النجاة * فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سرّ الســــــــعادة جاهداً * فوجدت هذا الســرّ في تقواكا
هذا، والله أسأل أن يرزقني وإياك السعادة في الدنيا والآخرة, وأن يجعلنا ممن يقول فيعمل، ويعمل فيخلص, ويخلص فيقبل, ويقبل فيفوز فوزاً عظيما.. .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق