الأربعاء، 5 فبراير 2014

هدفٌ سليم، ولكن سوء فهم في معرفة الطريق



   
   إن اتّباع السلف رضوان الله عليهم مطلبٌ أساسيٌّ لا مجال لتجاهله والإختلاف فيه، فَهُمُ النموذج الأسمى للإهتداء الفكري والسلوكي بشهادة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: " خيرُ الناسِ قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم..". متفق عليه..

    ولكن للأسف.. تنكب كثير عن سلوك سبيلهم، فوقعوا فيما ظنوه اتّباعا، وهو في الحقيقة شرود وابتداع.  

    تنكبوا الطريق، حيث ذهبوا إلى توجيه الناس إلى ظنونهم يحملونهم عليها، فهِموا وأفهموا الناس أن الإتّباع المطلوب هو التزام حرفية أقوال وأفعال وعادات السلف دون زيادة أو نقصان، مما أوقع الأمة في جدل وخصام كانت في غنى عنه، أقول: وإن كان الهدف سليما، إلا إنه ـ ربما ـ سوء فهم في معرفة الطريق.  

      ألا فليعلم هؤلاء أن السلف رضوان الله عليهم ما كانوا ينظرون إلى ما يصدر عنهم من أقوال وأفعال وتصرفات هذه النظرة القدسية الجامدة، بل إنهم تطوروا من عرف إلى عرف، ومن اجتهاد إلى اجتهاد في مسألة واحدة، ولا ريب أنهم اختلفوا حينا من الدهر، والدليل على ذلك نشوء مدرستي الرأي والحديث..  
   ولكن كانوا رضوان الله عليهم ينظرون إلى اختلافاتهم على أنها اجتهادات معقولة وخلافات مبرورة، أيا كانت نتائجها وثمراتها، وفي تاريخهم من الصفحات المشرقة ما لا داعي لذكره هنا..  

   إن اختلافاتهم بقيت في جزئيات المسائل الإجتهادية أغصانا متفرقة من جذع راسخ واحد، لا تعكر عليهم صفو اتحاد ولا تفرقهم في متاهات سبل أو جماعات، كما نرى ونسمع وإلى الله المشتكى.. 

      حقا إنهم كانوا رضوان الله عليهم يمثلون عصر السلف، بل لباب عصر السلف، خير القرون..
  
ألا فبهم فليقتد من أراد النجاة، والله المستعان أن يحررنا من حظوظ أنفسنا، ولا حول ولا قوة إلا به..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق