اعلم غفر الله لي ولك: أنه يجب عليك أن تتعلّم أحكامها، وما يصحّح بيعك وما
يفسده، حتى تكون معاملتك صحيحة، وتصرفك بعيدا عن الفساد، ويكون رزقك حلالا مباركا
فيه.
فلقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يدخل السوق، ويضرب بعض
التجار بالدرّة، ويقول: "لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء
أم أبى"، رواه الترمذي.
وقال العلامة
الفاضل سيدي أبي عبد الله محمد الخرشي رحمه الله: "البيع هو مما يتعين الإهتمام به، وبمعرفة أحكامه
لعموم الحاجة إليه والبلوى به، إذ لا يخلو المكلف غالبا من بيع وشراء، فيجب أن
يعلم حكم الله فيه قبل التّلبّس به". (مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ
خليل).
ويا للأسف – إن كثيرا من التجار أهملوا هذا
الباب، وأغفلوا هذه الناحية، وأصبحوا لا يبالون بأكل الحرام، مهما زاد الربح
وتضاعف الكسب، فهناك من يطفّف الكيل والميزان، وهناك من يخلط الرديء بالجيد، وهناك
من يحلف على الرديء ليبيعه بثمن الجيد، وهناك من يتسبب في احتكار الأرزاق، أو
يتدخل في رفع أسعار السلع ، وهناك وهناك..
نعم للأسف.. تخلّى
بعض التجار عن فضائل عملهم وواجباتهم، والرسول صلى الله عليه و سلم – العزيز عليه
أن يصيب أمته عنت ومشقة، الحريص على سعادتها – كان كثيرا ما ينـصح الـتـجـار
ويرشدهم.
فلقد خرج ذات
يوم إلى سوق الناس، فرآهم يتساومون ويتبايعون فاستمع إليهم، ورأى صور تبايعهم
فقال: "يا معشر التجار، يا معشر التجار"، فرفعوا رؤوسهم استجابة لندائه
وإنصاتا له، فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر
وصدق". رواه الترمذي . "اتقى
الله": اتقى سخطه وغضبه، فلم يظلم أحدا من خلقه. و"بــرّ" أي لم
يحلف ويحنث في يمينه، و"صدق" أي
لم يكذب ولم يغش.
بهذا نصح
النبي صلى الله عليه و سلم التجار، لأنّ هناك من تدفعه محبة الربح، وحرصه على جمع
الحطام إلى الحلف الكاذب والغش وما إلى ذلك، وهي ظواهر تفشت في أسواقنا، ولا حول
ولا قوة إلا بالله.
عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال فيما رواه الترمذي:
"التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء".
فيا أيها التاجر – إنها منزلةٌ عاليةٌ،
ومكانةٌ ساميةٌ، أعدّها الله للتاجر الذي صار الصدق سجية له، وعرفت عنه الأمانة
والتحرز من الشبهات، فهو يوم لا ينفع مال ولا بنون يكون في منازل النبيين والصدّيقـيـن
والشهداء، وما أشرفها وأكرمها من منازل!.
فاتقوا الله – أيها التجار - واتقوا أسباب
سخطه وعقابه، وحرروا مكاسبكم، واجعلوها غنيمة لكم تقيكم عذاب الله، ولا تجعلوها
غرما فتفقدوا بركتها، وتكونون يوم القيامة من الخاسرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق