الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

حدثوا الناس بما يعرفون

أيها الفاضل: إن التدرج في التعليم، وتخصيص قوم بعلم دون قوم، مراعاة للفهوم وتقديرا للمصالح، فنّ من فنون التربية والتعليم، بل منهج نبوي شريف يجب الإنتباه إليه وتطبيقه.
فالمتعلّمون والمتلقّون ليسوا كلهم على درجة واحدة من الفهم والإدراك، ولا على درجة واحدة من الحرص والرغبة..
.
فقد بوّب البخاري رحمه الله في صحيحه، قال: "باب من خص بالعلم قوما دون كراهية أن لا يفهموا". وذكر تحته حديث أنس رضي الله عنه، قال: ذكر لي أن التبي صلى الله عليه وسلم، قال لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ: من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة". قال: ألا أبشر الناس؟. قال: لا، إني أخاف أن يتكلوا".
.
أيها الفاضل: في هذا الحديث بيان وجوب أن يخص بالعلم الدقيق قوم فيهم الضبط وصحة الفهم، وأن لا يبذل لمن لا يستأهله، أو من يخاف عليه الترخيص، أو الإتكال لقصر فهمه.
.
ألا إن عملية التعليم والتربية والدعوة إلى الله ليست عملية استعراض المعلومات، وإنما هي صياغة متكاملة، تحتاج في أولها الأسس والمبادئ التي تصح بها النهايات وتكتمل.
فالتربية جهود تراكمية، يرفد بعضها بعضا، حال فحال إلى حدّ التمام، ولعل المعنى اللغوي للتربية أكثر دلالة على ذلك.
.
وهذه هي طريقة الربانيين الذين امتدحهم الله بقوله: "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون". آل عمران: 79.
قال البخاري رحمه الله: قال ابن عباس رضي الله عنهما: الربانيّ هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره".

أيها الفاضل: احذر العجلة، وإياك.. إياك والجرعة الزائدة، فقد تقتل، واعلم بأن الله يقول: "قد جعل الله لكل شئ قدرا". الطلاق: 3. ثم إن نهوض الأمة ورقيها وصلاحها إنما هو معقود بمدى جودة التربية وصلاح التعليم..

جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "إنك لن تحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة". رواه البخاري.

وبعد، هذا ما أردت قوله، وأسأل الله أن يتقبله بقبول من عنده، وأتوب إليه سبحانه وأستغفره..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق