السبت، 20 ديسمبر 2014

مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ * تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ



مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ * تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ


 هذا البيت ـ يا صديقي الفاضل ـ: هو ضمن طيبات أبي الطيب المتنبي، القصيدة الشهيرة (بم التعللُّ)، وقد نسجها المتنبي إثر سماعه لخبر نعيه في مجلس سيف الدولة الحمداني، فتأثر من ذلك تأثرا بالغا شديدا، نضحتْ به قصيدته المفعمةُ بالإحساس، النابضةُ بالحزن العميق، المزدانةُ بالحكم. والتي فيها بيت من أجمل أبيات الشوق:
 .
ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ * إنْ مُتُّ شَوْقاً وَلا فيها لهَا ثَمَنُ


 
والتي فيها أيضا بيت من أدق أبيات التعريض: .

رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكمُ * وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ

  إلى غير ذلك من الأبيات الرائعة، بل كلها كذلك، يقول في مطلع القصيدة:
.
بم التعـلّل لا أهـلٌ ولا وطـنُ * ولا نديم، ولا كـأس، ولا سـكن
أريد من زمني ذا أن يبلـغني * ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
لا تلق دهرك إلا غير مكـترث * ما دام يصحـب فيه روحك البدن
فما يدوم سرور ما سررت به * ولا يـرد علـيك الفائت الحــــزن

     حقا قصيدة رائعة، لكن وقفتي عند البيت الذي صدّرت به منشوري :

    
أيها الفاضل: هذا البيت يجسد حالات الكثيرين، وكثيرا ما يرُدَّد في أوقات الشدة والصعاب، وفي حالات الإخفاقات وعدم نيل المراد، فظروف الحياة تأتي عكس ما يتمنى الإنسان، كما أن السَّفن (قبطان السفينة وربانها) يتمنون أن تكون الريح طيبة سهلة ومواتية؛ أي في اتجاه سير السفينة لتدفعها للأمام، لكن كثيرًا ما تكون الرياح مضادة فتعوق مسيرتها، وأحيانًا عاتية مهاجمة قد تصل لتحطيمها.
وهذا دليل ـ أيها النحوي الأديب ـ على حكمة المدبر، إذ لو نال كل متمنّ ما أراد، لفسد نظام الكون لاتفاق العالم على طلب الغنى.  
.
   ولكن ليس هذا موضوع حديثي إليك أيها النحوي الأديب، إنما عن 
:
    أولاـ كلمة " السفن" فكثيرا ما نسمعهم يقرأونها بضم السين، والأصح السَّفن بفتح الفاء وليس بضمها ، والسَّفن بفتح الفاء جمع سفَّان، أي: ربان السفينة، لأن السفينة لا تشتهي، بل السَّفان هو الذي يريد أن تجري الرياح بما يشتهي.. وإن كان بعضهم جعل هذا من المجاز كما في قوله تعالى: " وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ". يوسف: 82.
جاء في مختار الصحاح: س ف ن: السَّفِينةُ الفُلْك، والسَّفَّانُ صاحبها، والسَّفِينُ جمع سفينة. قال بن دريد: سفينة فعيلة بمعنى فاعلة، كأنها تَسْفِنُ الماء أي تقشره،
.
    
ومعنى البيت: يقول أعدائي يتمنون ولا يدركون ما يتمنون، ويقصد أولئك الذين نَعَوْه وهو حيّ، كما علمت من المناسبة، وإلى ذلك يشير بقوله في رائعته:

يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِـسِهِ * كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَــهَنُ
كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ * ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ

    
ثانيا ـ اعلم ـ أيها الفاضل ـ أنه يجوز في "كلّ" النصب بإضمار الفعل يفسره الظاهر، وهو "يدركه" أي: ما يدرك المرء كلّ ما يتمناه، وهذا هو الاختيار لأجل النفي، كالاستفهام.
ويجوز أيضا الرفع بالابتداء، وما بعدها خبرها. هذا في لغة تميم، وفي لغة أهل الحجاز رفع لأنه اسم "ما" وما بعدها خبرها..
     ثالثاـ اعلم ـ أيها الفاضل ـ أن في الشعر العربي هناك ما يسمى عيون الأبيات ودُرَرها، التي تناولها أكثر من شاعر في قصائدهم وشاعت بين الناس، مثل بيت أبي الطيب هذا، والذي أورده كثير من الشعراء في قصائدهم، أو ربما صدره، أو عجزه، مثالا على ذلك قصيدة الشاعر: درويش بن محمد أبو المعالي الطالوي، الذي عاش في الفترة بين 1543 – 1605 في قصيدة له يقول في مطلعها: 

سفينة الحب في بحر الغرام رست * وسيـــرها بـريـاح الحـب مــرتـــهن
فإن تـهـب بــما لا تشــتهي فـلقد * تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

    رابعا: واعلم ـ أيها الفاضل ـ إن كان شاعرنا في هذا البيت وكأنه يوصينا بأن نرضى بالواقع، وبمثل هذا القول يتعلل الضعفاء، فإن هناك شاعرا آخر، وبمثل هذه الكلمات، يوصينا بأن نصنع نحن واقعا، كهذا البيت الذي على الصورة:

تَجْرِي الرِّيَاحُ كَمَا تَجْرِي سَفِينَتُنَا * نَحْنُ الرِّيَاحُ وَنَحْنُ الْبَحْرُ وَالسُّفُنُ

     رابعا ـ وبعد، فيا أيها الفاضل: أهمس لك فأقول:
حرّك عزيمتك، وانهض بحالك، ولتهب ريحك قوية، ولتعلو همتك الثريا، واعلم بأن الله رب العالمين، مالك الملك، سبحانه يفعل ما يشاء، هو الذي يسخّر الريح، وهو الذي يسخّر الربّان ويوفّقه، فلا حذق الربان، ولا الريح الطيبة.. فالريح خلق مخلوق من خلق الله، سخرها الله لغايات عظيمة في هذا الكون، فعليك أن تنسب الأشياء إلى مصدرها ومسببها، وهو الله، وهذا هو التّوحيد، قل: قدّر الله وما شاء فعل، ولا تقل: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. 

    واعلم أن في الأعاصير والعواصف لا تَثبت إلاّ الجبال، هذه هديتي إليك أيها النحوي الأديب، والله أسأل لي ولك رشاداً إلى الحقَّ، وثباتاً عليه، وأن يجمعنا سويا في الفردوس الأعلى، والحمد لله رب العالمين..

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

من أفرط في السرعة، أو لم يحترم إشارات المرور، وتسبّب في حادث فهو مُدان وعليه الديّة والكفارة



أيها الأفاضل: قد تشير تقارير الشرطة والجمارك، إلى أن حادث مّا قد وقع بسبب انحراف، أوقد يكون وقوعه بسبب خلل في المركبة، أو نتيجة لوجود خلل في الطريق، أو بسبب قيام سائق مجهول يقود بطيش وجنون باعتراض طريق السائق الذي يسير بمركبته في أمان الله...
كل هذه الأمور واردة أن تكون أحد أسباب الحادث.
••
ولكن يبقى عامل السرعة.. هو الأهم والأخطر.
فلولا السرعة لتمكن أي سائق من السيطرة على السيارة عند ظهور طارئ فجائي!.
أفلا تعلم أيها السائق:
لو أن شخصا أراد أن يسير بسرعة مائة كلم في الساعة، فسار بسرعة ثمانين. كم تأخر؟.
إنه لم يتأخر سوى اثنتي عشرة دقيقة في سير ساعة كاملة.
ما أيسر هذا التأخر الذي به وقاية النفس والمال من الخطر، إن السرعة لا تقرّب المسافات بل تبعدها!.
.
ألا تعلمون يا هؤلاء: أنّ من أفرط في السرعة، أو لم يحترم إشارات المرور، وتسبّب في حادث فهو مُدان وعليه الديّة والكفارة؟.
.
نقل الشيخ أحمد حماني رحمه الله في فتاويه عن القاضي أبي الوليد بن رشد رحمه الله، أنه قال: "إذا أصابت الدابة أحدا وعليها راكب أو لها قائد أو سائق، فإن الراكب لها أو السائق أو القائد هو المصيب، ولكن خطأ". ثم قال رحمه الله:"والسيارة في حكم الدابة". اهـ. (ج2:ص:305).
.
وجاء في فتوى لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف: "إن السّرعة المفرطة مع وجود مانع قانوني إن نجم عن ذلك حادث قتل، فإن المتسبّب فيه مُدان، ويستحق أن تطبق عليه العقوبات المنصوص عليها في القانون كما تترتب عليه الدية والكفّارة". (رسالة المسجد العدد4لعام 2003).
.
والكفّارة والدّية عقوبتان تجبان على كلّ من تسبّب في قتل مسلم خطأ:
.
ـ أما الكفارة فهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد كما هو الواقع، فصيام شهرين متتابعين، إن أفطر من غير عذر شرعي قبل تمامهما ولو بيوم، وجب عليه استئنافهما من جديد، وهذه الكفارة هي حق الله تعالى، لا تسقط ولو عفا أهل القتيل، وهي تتعدد بتعدد الأموات، فإن كان الميت واحدا فشهران، وإن كانوا اثنين فأربعة شهور.
.
ـ وأما الدية فهي: حقّ لأهل القتيل، ومقدارها ألف دينار ذهبي، وهو ما يعادل تقريبا: (4كلغ و250غ من الذهب).
.
فانظر أيها الفاضل: قيمة ذلك بالدينار الجزائري، أو بعملة بلدك.. فسترى أن هذا المبلغ باهضا.. بل إن حرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، بل من الدنيا أجمع. وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا". رواه النسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
وهذا الحديث ـ أيها الفاضل ـ وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم، ثم تبصّر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام، نسأل الله السلامة.
فيا أيها السائق: لا تهلك مع الهالكين، وعليك بأسباب السلامة التي هي الرفق والانتباه للطريق واليقظة الدائمة مع الاعتماد على الله، والمحافظة على الأنفس والأموال، والتزام الأدب والطمأنينة واتباع أنظمة المرور، حتى لا تكون من المتسببين في إزهاق نفس كانت في الوجود.. وإياك .. إياك أن تروّع الآمنين..
هذا .. والله نسأل أن يكتب لنا ولك وللمسلمين جميعًا السلامة والعافية في البر والبحر، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، وأن يحفظ لنا أهلنا وأبناءنا وبناتنا وبلدنا هذا خاصة، وسائر بلاد المسلمين..

الأحد، 14 ديسمبر 2014

لنحوّل النَّظافة إلى سلوكٍ مجتمعيّ


       أيها الأفاضل:
   إن العقلاء من أمتنا ليسعون جاهدين إلى المحافظة على سلامة البيئة ونظافة المحيط، انطلاقا من هدي الإسلام الذي هو النظام الكامل الشافي الكافي للحياة، وأول قاعدةٍ وأساسٍ في التمسك بأسباب النظافة: التعليمُ، لأنه الجمال الأول في المحافظة على الأخلاق وسيادتها صفوف الناس.

    وما حملات التوعية والتعبئة التي تقوم بها الجهات المعنية، إلا دليلُ تحضُّرٍ ووعيٍ وعملٍ من أجل سلامة الفرد والجماعة.

      فعليك ـ أيها الفاضل ـ أن تكون جنديا مجنّدا في المحافظة على كل ما فيه نفع للمسلمين أفرادا وجماعات. فيتعين عليك نظافة بيتك، ونظافة مسجدك، ونظافة سوقك، ونظافة مكان عملك، ونظافة طريقك. تغرس شجرته وتميط أذاه، فالنظافة ثقافة..
انطلق ـ أيها المبارك ـ  للعمل في هذا السبيل: من هديٍ إسلاميٍّ يقول لك: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة".

    هل صحيحٌ ـ أيها السادة ـ أنّنا نطبّق شعار: "النّظافة من الإيمان"؟! هذا الشّعار الذي يسمعه الجميع ويطلقونه، ولكن مع الأسف لا يعيشونه، ولا يُحدِث لديهم تغييراً جذريّاً.

     فهيا بنا ـ أيها الأفاضل ـ لنحوّل النَّظافة إلى سلوكٍ مجتمعيّ، حتَّى لا يشعر مَن ينادي بها بالغربة، أو كأنَّه يقوم بعملٍ خطأ، ولنتُرجِم إماطة الأذى عن الطَّريق إلى عملٍ جماعيّ حضاريّ، تتكاتف من أجله الجهود. فـ "النّظافَةُ مِنَ الإيمَانِ"، لنردِّد ذلك ونطبِّقَه، ونحن نعي جيدا أن لا إيمان كاملا بلا نظافة كاملة.

الخميس، 11 ديسمبر 2014

خطبة الإمام العالم الجليل ابن المنيِّر المالكي رحمة الله




     في يوم الجمعة الخامسَ عشرَ من ربيعٍ الآخر سنة ثمانٍ وخمسين وستِّمائةٍ 658هـ، لمّا اجتاح التتار بقيادة هولاكو أرض الشام، قام الإمامُ العالمُ الجليلُ ابنُ المنيِّر المالكي قاضي الإسكندرية في أيام العز بن عبد السلام قام خطيبًا في الناس، وقد ذكر هذه الخطبةَ الإمامُ الذهبيُّ في كتابه تاريخ الإسلام، قال فيها:

 
    الحمد لله الَّذِي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوبَ إذا خَشَعت، والنَفوسَ إذا خَضَعت، الموجودِ إذا الأسباب انقطعت، المقصودِ إذا الأبواب امتنعتْ، اللّطيفِ إذا صَدَمَتْ الخطوبُ وصدَّعت، رُبَّ أقضيةٍ نزلت فما تقدّمت حتّى جاءت ألطافٌ دفعت، فسُبحان من وسِعت رحمته كلَّ شيء وحُقَّ لها إذا وسِعت.
    أحمده لصفاتٍ بَهَرتْ، وأشكره عَلَى نعمٍ ظهرتْ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك لَهُ، شهادةً عَنِ اليقين صدرتْ.
    وأشهدُ أن مُحَمَّدًا عبده ورسوله، بعثَهُ والفتنةُ قد احتدَّت والحاجة قد اشتدَّت، ويدُ الضَلالِ قد امتدَّت، وظُلُمات الظُّلم قد اسودَّت، والجاهليّةُ قد بلغتْ غايتَها وجحدت دَيَّانَها، فجاء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم فملك عِنانها وكَبَتَ أعيانها, وظهرت آياتُه فِي الجبابرة فأهلكت فرسانَها، وفي القياصرة فنكَّسَتْ صُلبانَها، وفي الأكاسرة فصدَّعت إيوانَها، وأوضح عَلَى يده المحجة وأبانها، صلى اللَّه عَلَيْهِ وعلى آله، فما أكرم الشجرة وأغصانها، وعلى أصحابه ومن حوى الحوزة وصانها، صلاة إذا أفضت صحيفة الحسنات كانت عنوانه.

   أيها النّاس: خافوا اللَّه تأمنوا فِي ضمان وعده الوفي. ولا تخافوا الخلق وإن كثروا فإن الخوف منهم شركٌ خفيّ.
    ألا وإنّ من خاف اللَّهَ خاف منه كلُّ شيء. ومن لم يخفِ اللَّهَ خاف من كلِّ شيء. وإنما يخاف عزّ الربوبيّة من عرف من نفسه ذُلّ العبوديّة. والاثنان لا يجتمعان فِي القلب ولا تنعقد عليهما النية. فاختاروا لأنفسكم إمَّا اللهَ وإمّا هذه الدنيا الدَّنية. فمن كانت الدنيا أكبرَ همه لم يزل مهمومًا. ومن كانت زهرتها نُصب عينه لم يزل مهزومًا. ومن كانت جِدَّتُها غايةَ وَجْده لم يزل مُعْدَمًا حتّى يصير معدومًا.

   فالله الله عباد الله! الاعتبارَ الاعتبارَ، فأنتم السُّعداء إذا وُعظتم بالأغيار. أصلِحوا ما فَسد، فإنّ الفساد مقدّمة الدّمار. واسْلكُوا الْجِدّ تنجوا فِي الدّنيا من العار وفي الآخرة من النار.

اتقوا اللَّه وأصلِحوا تُفْلحوا، وأَسْلِموا تَسْلَموا، وعلى التّوبة صمّموا واعزموا، فما أشقى من عقد التّوبة بعد هذه العِبَر ثمّ حلّها، ألا وإنّ ذنبًا بعد التّوبة أقبحُ من سبعين قبْلَها".  

 

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

هل تعرف ماذا تعني كلمة "بابا نويل؟


 
.
إن "بابا نويل". أو "سانتا كلوز" شخصية ترتبط بعيد الميلاد، ولكن مسمى "بابا نويل" طغى في الشهرة .. حتى انتشر في جميع أوربا والعالم المسيحي.. وللأسف في العالم الإسلامي..
.
إنه عيد الكريسماس: الذي يوافق يوم 25 ديسمبر .. "يوم ولد فيه المسيح كما يعتقدون"، أي قبل رأس السنة تقريبا بأسبوع ويكون الاحتفال فيه عامّ وشامل، فتكثر فيه الإضاءة وتزيّن شجرة "الكريسمس".
الشجرة التي تعتبر أوراقها ذات الشوك، رمزاً لإكليل المسيح، وثمرها الأحمر رمزاً لدمه، وكان بداية استخدام الشجرة كرمز تقريبا في القرن العاشر..
فهل تعرف ـ أخي ـ ماذا تعني كلمة "بابا نويل"؟.
جاء في سفر النبي أشعياء عليه السلام: "ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى اسمه عمانويل الذي تفسيره: الله معنا".
.
عما نويل: كلمة عبرانية، تفسيرها بالعربي "إلهنا معنا"، ومعناه عند النصارى: الله معنا، وفي العبرانية "عمانو": تعني معنا، و"نيل": تعني الإله. و "بابا نويل": أو "بابا نوئيل"، و"نيل، أو "إيل": أي الإله. فكلمة "بابا نويل" تعني: الإله أبونا.
.
و"بابا نويل" شخصية وهمية، صنعها الرسام الأمريكي الشهير توماس، وكان ذلك عام 1860 والتي شكلت في ذهن الأطفال القصص الأسطورية حول هذه الشخصية، التي تأتي علي عربة من الماس، يجرها زوج من الخيول ذات الأجنحة، والتي تطير بـ "بابا نويل" من مكان لآخر ليلة رأس السنة، ليوزع هداياه على الأطفال.
وصورة "بابا نويل" هي صورة الرجل في الخمسين من عمره، ذو لحية بيضاء طويلة غليظة، وأنف مدبب، وجسم متين، ووجه أبيض محمر ..
أيها الأفاضل: هذا الشيخ الكبير ذو اللباس الأحمر، واللحية البيضاء الذي يسمونه "بابا نويل"، هو الإله الأب الذي ولد له مولود من مريم، وهو عيسى الإبن. فيقوم الأب الإله بتوزيع الهدايا في يوم ولادة ابنه عيسى عليه السلام "الإله الإبن".
إنه تثليث كامل، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. قال تعالى: "تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا.." من سورة مريم
جاء في الحديث القدسي، قال الله تعالى : "شتمني ابن آدم ؛ وما ينبغي له أن يشتمني، وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني، أما شتمه إياي فقوله: إنّ لي ولدا، وأنا الله الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوا أحد، وأما تكذيبه إياي، فقوله:ليس يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته".
وعليه .. فلا يجوز لمسلم قد رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبياً ورسولاً، أن يشارك في الاحتفال بما يحتفل به هؤلاء.
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق".
وقال القاضي أبو المحاسن الحسن بن منصور الحنفي:
"
من اشترى فيه شيئا لم يكن يشتريه في غيره، أو أهدى فيه هدية إلى غيره، فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة فقد كفر، وإن أراد بالشراء التنعُم والتنزُه وبالإهداء التحابّ جريا على العادة لم يكن كفرا، لكنه مكروه كراهة التشبيه بالكفرة، حينئذ فيحترز عنه. قاله علي القاري". انتهى كلام صاحب عون المعبود. (الجزء الثالث صفحة88).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع فتاويه:
"
ولا يحلّ فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك من أجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة". (ج:6 ص:111).
ألا فاتقوا الله، واعتزوا بدينكم وبتاريخكم، وانتبهوا إلى أعيادكم، واملأوا قلوبكم بأسرارها، واربطوا حياتكم بسننها، ولكم أن تقيموا ما شئتم من الإحتفالات الإنسانية التي تظهرون بها سروركم بنعم الله الخاصة عليكم، تظفروا بالمجد والكرامة، وتحافظوا على شخصيتكم.
والله المستعان، نسأله سبحانه أن يردّنا إلى دينه ردّا جميلا، وأن يبصر المسلمين بما فيه نفعهم وفلاحهم.
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق