أيها المقبول: هنيئا لك..
أيها المردود: جبر الله مصيبتك...
لقد كان السلف – رضي الله عنهم - يظهرون سلوكاً رائعاً مع هذا
الشهر المبارك ، إذ: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، ثم يدعون
الله ستة أشهر أن يتقبله منهم"،
وبعد خروج الشهر المبارك كانوا – رضي الله عنهم - يظهرون الأسى
والحزن على خروجه، ويحرصون على أن يوصي بعضهم بعضاً على الاستمرار في الطاعة على مدار
العام؛ لأن كل الشهور عند المؤمن مواسم عبادة، بل العمر كله موسم طاعة.
خرج عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - في يوم عيد فطر فقال في خطبته:
أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوماً، وقمتم ثلاثين ليلة، وخرجتم اليوم تطلبون من
الله أن يتقبل منكم.
وكان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر، فيقال له: إنه
يوم فرح و سرور، فيقول: صدقتم، ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملاً فلا أدري أيقبله
مني أم لا؟.
ورأى وهب بن الورد قوماً يضحكون في يوم عيد فقال: إن كان هؤلاء
تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل
الخائفين.
وعن الحسن رحمه الله، قال: إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه
يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب
الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون.
وروي عن علي – رضي الله عنه - أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر
رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه كان يقول: من هذا المقبول منا فنهنيه، ومن هذا
المحروم منا فنعزيه، أيها المقبول: هنيئا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك.
انظر ـ أُخَيّ ـ إلى أسلافك كيف كان حالهم عند خروج رمضان، وكيف
كان حزنهم على فراق هذا الشهر المبارك.
فليكن لك فيهم أسوة. نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم الصيام
والقيام، إنه ولي ذلك والقادر عليه.