السبت، 10 أغسطس 2013

أيها المقبول: هنيئا لك


أيها المقبول: هنيئا لك..

أيها المردود: جبر الله مصيبتك...

 

لقد كان السلف – رضي الله عنهم - يظهرون سلوكاً رائعاً مع هذا الشهر المبارك ، إذ: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم"،

 

وبعد خروج الشهر المبارك كانوا – رضي الله عنهم - يظهرون الأسى والحزن على خروجه، ويحرصون على أن يوصي بعضهم بعضاً على الاستمرار في الطاعة على مدار العام؛ لأن كل الشهور عند المؤمن مواسم عبادة، بل العمر كله موسم طاعة.

 

خرج عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - في يوم عيد فطر فقال في خطبته: أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوماً، وقمتم ثلاثين ليلة، وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم.

 

وكان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر، فيقال له: إنه يوم فرح و سرور، فيقول: صدقتم، ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملاً فلا أدري أيقبله مني أم لا؟.

 

ورأى وهب بن الورد قوماً يضحكون في يوم عيد فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين.

 

وعن الحسن رحمه الله، قال: إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون.

 

وروي عن علي – رضي الله عنه - أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه.

 

وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه كان يقول: من هذا المقبول منا فنهنيه، ومن هذا المحروم منا فنعزيه، أيها المقبول: هنيئا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك.

 

انظر ـ أُخَيّ ـ إلى أسلافك كيف كان حالهم عند خروج رمضان، وكيف كان حزنهم على فراق هذا الشهر المبارك.

 

فليكن لك فيهم أسوة. نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ألا فاجعلوا كل أيامكم أعيادا


 

قال صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه". رواه البخاري.

وتلك حقيقة ـ يا رعاك الله ـ فإنك إذا ألقـيت نظرة على المجتمع اليوم، لأحسست بشيء من الغبطة والإبـتهاج يغمُران النفوس ويهزّان الكيان. و"الوجوه مرايا النفوس تضيئ بضيائها، وتظلم بظلامها" كما قال أحد الكتاب، وصدق الله: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون".

لكن ينبغي لنا – ونحن في يوم عيدنا – حين نفرح بفضل الله، أن نحذر مكر الله سبحانه، لأن الفرح قد يجعل صاحبه ينسى المُنعم، وهو الله سبحانه، فيكون سبب لسلب النعمة، ولو بلغ العبد من الطاعة ما بلغ، لا ينبغي له أن يفارقه الحذر، فالفرح متى كان لله، وبما منّ الله به، مقارنا للخوف والحذر، لن يضر صاحبه. ومتى خلا من الحذر ضرّ وأفسد .

 

ولذلك لما قيل لأحد الرهبان: متى عيدكم؟.

أجاب: " يوم لا نعصي الله فيه".

نعم، ولا يبعد أن يكون هذا اليوم عيدا حقيقيا، فإن معصية الله تعطل حكمته، التي بنى عليها نظام الكون، وتسبب غضبه الذي يفضي إلى شقاء البشرية، وصدق الله إذ يقول: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا".

ألا فاجعلوا كل أيامكم أعيادا..

 

اللهم اجعل مواسم الخيرات لنا مربحا ومغنما، وأوقات البركات والنفحات لنا إلى رحمتك طريقا وسلما .. وأعد علينا هذا اليوم بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام..

قيل يا رسول الله: وما الرويبضة؟


قيل يا رسول الله: وما الرويبضة؟.

قال: "السفيه يتكلَّم في أمر العامّة". رواه الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

 

إيهٍ.. نعم.. يا رسول الله: لقد اختلطت مصادر التلقي عند الناس، حتى تحوّل الصَّحفيُّ إلى مشرّع، وأصبح السياسي مرجعية دينية، وصار العامي مفتيا وفقيها.

 

فهل بعد هذا يسأل سائل، كيف بدأ النقض لعُرى الإسلام، والتشكيك في المسلَّمات والأصول؟.

 

وما كان ما كان، إلا بدعوى المعقول، أو المصلحة، أو الضغط الحضاريّ، وحرية الكلمة، وأصبحت الساحة العلمية مباحة لكل من هب ودب، يصول فيها ويجول، ألا إنها السنين الخداعة التي نطق فيها الرُّوَيْبِضة. كما أخبرنا بذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام قبل مئات السنين..

 

أصرخ بأعلى صوتي قائلا: ألا إن الأمة اليوم بحاجة إلى معرفة من هو المؤهل لأن يُسأل، وليس كل من تكلم في الدين أهل لأن يُسأل، فهل أنتم تسمعون؟..

 

قال ابن سيرين رحمه الله، كما في مقدمة صحيح مسلم: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم".

 

وقال ابن القيم رحمه الله: "وقد رأى رجلٌ ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن يبكي، فقال: ما يبكيك؟.

فقال: استُفتِي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، قال: ولَبعض من يفتي ها هنا، أحق بالسجن من السُّرَّاق".


أقول: كيف لو رأى ربيعة زماننا هذا، وإقدام من لا علم عنده على الفتيا، وتوثّبه عليها، ومد باع التكلف إليها، اللهم إليك المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بك.



نسأل الله جل وعلا أن يرحم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يعصمها من إضلال المضلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

بل إنه عمر، لكنه أنا




من أجمل ما قيل في تعريف الصديق، ما قاله بعضهم: "الصديق إنسان هو أنت، إلا أنه غيرك".


ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين، فقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين أقطع طلحة بن عبيد الله أرضاً، وكتب له بها كتاباً وأشهد فيه ناساً منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأتى طلحة بكتابه إلى عمر ليختمه له، فامتنع عمر، فرجع طلحة إلى أبي بكر مغضباً وقال: والله ما أدري أأنت الخليفة أم عمر؟. فقال أبو بكر: بل عمر، لكنّه أنا.

 

ألا إن أمثال هؤلاء هم العدّة عند الرخاء، والجُنّة عند البلاء، اللهم ارزقنا أمثالهم..

 

فيا أصدقائي اعلموا أن: أشرف الدوافع في الصُّحبة بلا شَكٍّ هو تمنِّي اللقاء تحت ظل الله عز وجل يوم القيامة، كما قال -صلى الله عليه وسلم: "سبعة يُظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه...".

 

اللهم إنك أعطيتني خير أصحاب في الدنيا، فلا تحرمني من الإجتماع بهم في الجنة تحت ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك..
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق