الثلاثاء، 23 يوليو 2013

ما لي أراكم قد نحيتم هؤلاء الفتيان عن مجلسكم



 

جاء في ترجمة سفيان بن عيينة رحم الله، أشياء عجيبة في صغر سنّه، تدل على همّة ونجابة عالية.

يحدُث عن نفسه أنه التقاه مرة عمراً بن دينار رحمه الله قبل أن يعرفه، فقال له:

 يا غلام امسك حماري حتى أغدو إلى المسجد فأصلي ركعتين، قال: لا أفعل، حتى تحدثني حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: وما عسى أن ينفعك الحديث، قال: إذاً لا أفعل، وأبى عليه أن يمسك حماره حتى يحدثه، قال: فحدثني ببضعة أحاديث، ثم دخل وصلّى وخرج، قال : ما انتفعت بما حدثتك؟. قال: فأعدت عليه الاحاديث، قال: فعجب، فلما مضى سألت عنه، فقيل: هذا عمرو بن دينار فلزمت مجلسه".

   بدأ رحمه الله، طلب الحديث بعد العاشرة، وجلس إلى عمرو بن دينار رحمه الله وهو في الثانية عشرة من عمره، وكان يقول عن نفسه: "كنت إذا جئت إلى حلقة عمرو بن دينار،  وأنا طولي بضعة أشبار، وذيلي بمقدار، فإذا جئت قال: "الكبار افسحوا للمحدث الصغير، أو كلاما نحو هذا".

من هنا أخلص فأقول: إن الصغير عندما يذهب إلى حلق العلم، لا يكون عابثاً من العابثين، ولا يكون صغيراً من الصغار، فكيف بالشاب أو من بدأ في مقتبل العمر بل هو في زهرة وريعان الشباب إذا دخل هذا الميدان، ألا فاستثمروا حدّة عقولهم، وقوة شبابهم..

فكذلك كان كبار الصحابة رضي الله عنهم يفعلون، كانوا يهتمون بالشباب، ويجالسونهم ويصاحبونهم، ويعلمونهم مكارم الأخلاق، ويزرعون فيهم العمل للإسلام، ويُحملونهم ما يليق بهم من المهمات.

رأى عمرو بن العاص رضي الله عنه قوما نَحَّوْ فتيانهم عن مجلسهم، فوقف عليهم وقال: ما لي أراكم قد نحيتم هؤلاء الفتيان عن مجلسكم؟! لا تفعلوا، أوسعوا لهم وأدنوهم وحدثوهم وأفهموهم الحديث؛ فإنهم اليوم صغار قوم ويوشكون أن يكونوا كبار قوم، وإنا قد كنا صغار قوم ثم أصبحنا اليوم كبار قوم.
 اللهم اجعلنا خير سلف لخير خلف، واجعل شبابنا خير خلف لخير سلف، اللهم تقبل بفضلك أعمالنا، وحقق بالزيادة آمالنا، واجعل بطاعتك اشتغالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واختم بالسعادة آجالنا، واجعل إلى جنتك مصيرنا ومآلنا.

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

افتخري أيتها المرأة



 افتخري إيتها المرأة، لأنك: "خلقت من ضلع أعوج"

قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان:
"استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه".

أيها الرجال: اعلموا أن اعوجاج الضلع ليس عيبا في الخلقة، فتعالى الله أن يخلق معيبا، فسبحانه أحسن الخالقين، فما اعوجّ الضلع إلا ليحيط بالقلب، ولاعوجاجه حكمة, وهي حماية القلب من أية ضربة, ولإعطائه فرصة للتمدد والإنكماش، والقدرة على الإحتواء والحماية.

فالمرأة كونها خلقت من هذا الضلع الأعوج, فهي للرجل بمثابة الضلع الأعوج الذي يحيط بالقلب لئلا يلحقه أذى، وهذا الإعوجاج يُعدّ من محاسن النساء والتي يجذب إليها الرجال. ولذا شبهت في القرآن باللباس والسكن . .

فالمرأة هي النسمة الرقيقة، واللحن الحالم، والبسمة البريئة، التى لا يمكن لأي رجل أن يعيش بدونها، فقد وهبها الله الرقة والجمال والحنان والقدرة العجيبة والتى لا يمتلكها الرجال.
المرأة خلقت لتكون امرأة .. بضعفها .. وعاطفتها..
وصدق جرير:
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به.. وهن أضعف خلق الله أركانا

بل صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت أغلب لذي لب من ناقصات عقل ودين". .

ألا إن اعوجاج الضلع يعني ميله نحو غيره والاقبال عليه، فكأنما في اعوجاج المرأة اقبالها نحو زوجها واولاده.


فانتبهوا أيها الرجال... فالضلع الأعوج هو ميزة للمرأة، وليس عيب..

وافتخري بذلك ـ أيتها المباركة ـ وتمسكي بما أمرك الله به وصوني نفسك، فإنك بصيانتك لنفسك تصونين المجتمع من كل عوامل الهدم والتخريب والفساد.

 هذا ما قلت، فإن صوابا فمن الله، وإن خطأ فأستغفر الله، والحمد لله رب العالمين..

الاثنين، 15 يوليو 2013

السعر إذا رخص اشتراه كل أحد



 
الأجر المترتب على العبادة يزداد بازدياد المشقة الطارئة على العمل غير المقصودة لذاتها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في الحج: "أجرك على قدر نَصَبك" أي تعبك.

وإنّ من الأعمال التي تصيبها مشاق عارضة، الصيام في أزمنة الصيف الشديدة الحرّ، حيث يطول نهارها، ويقصر ليلها، ويكثر ظمؤها.

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من السلف الصالح، يبادرون إلى الطاعات، ويسارعون إلى جنة عرضها الأرض والسماوات، بصيام النفل في زمن المشاق. فأما إذا كان الصيام صيام فرض وصاحَبَه الإخلاص وحسن العمل والاحتساب، وابتعد عن الرياء والشكوى، كان الأجر أكبر.

ثبت في الصحيحين عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: "لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحارّ الشديد الحرّ، وإنّ الرجل ليضع يده على رأسه من شدّة الحرّ، وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة". وفي رواية أن ذلك كان في شهر رمضان.

قال ابن رجب رحمه الله في اللطائف: "كانت بعض الصالحات تتوخى أشدّ الأيام حرّاً فتصومه، فيقال لها في ذلك، فتقول: إنّ السعر إذا رخص اشتراه كل أحد، تشير إلى أنها لا تُؤثِر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس، لشدته عليهم، وهذا من علوّ الهمة"..

ولمّا صبر الصائمون لله في الحرّ على شدّة العطش والظمأ، أفرد لهم باباً من أبواب الجنة، وهو باب الريان، من دخله شرب، ومن شرب لم يظمأ بعدها أبداً، فإذا دخلوا أُغلق على من بعدهم فلا يدخله غيرهم، هذه أُولى فوائد اجتماع الصيف برمضان، أعني: "عظم الثواب والأجر".

إذن فاعلم ـ أُخَيَّ ـ أنّ شدّة الحرّ في رمضان رحمة للمؤمن إلا من أبى.

أسأل الله العلي القدير أن يجعلنا ممن أحسن العمل والقصد، وجنى من الدنيا خير زاد ليوم المعاد، إنه وليّ ذلك والقادر عليه..

الاثنين، 8 يوليو 2013

شهر رمضان فرصة للتغيير



اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال خير ورشد.

بهذه المعاني كان عليه الصلاة والسلام يستقبل رمضان، إيذانا منه للبشرية جمعاء وللمسلمين خاصة، أن دين الله عزّ وجل إنما جاء لتطهير العقائد وتربية النفوس وصقل الأفكار الهائجة التي تمردت على فطرة خالقها، وسلكت دون الإسلام سبيلا.

رمضان بالمفهوم الذي في ـ استشرافه: أمن، إيمان، سلامة، إسلام ـ مناسبة لتجديد الولاء لمثل هذه المعاني، ومحطة للتذكر والتذكار..

إن الواجب يملي علينا ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك، أن نقف مرة أخرى لمراجعة ذواتنا بصدق، لأن ذلك هو الكفيل باسترجاع أمجاد زمان، وتدارك ما فات، يوم أن كانت الشمس لا تغرب على دولة الإسلام، ويوم أن كان ولي أمر المسلمين يخاطب السحاب قائلا: سيأتينا خراجك أينما كنت..

فإذا كان رمضان فرصة للإنتصار على شهوات النفس ورغباتها، فلننتصر نحن على أنانيتنا، ولنحقق معنى التقوى لننال العزة والإكرام.

فلنكن رشداء، فلا تذهب أتعابنا سدىً، ولتكن استقامتنا في هذا الشهر كفارة لما قبله، وتدريبا لما بعده.

نعتقد أن ذلك ممكنا إذا أدركنا الدور الذي ينبغي أن نلعبه في هذه الحياة، وإذا فهمنا حقيقة الرسالة التي ينبغي على المسلم تبليغها فوق هذه الأرض.. والله يفعل ما يريد.


اللهم اهله علينا بالامن والإيمان، وانصرنا على أنفسنا حتى نستقيم على أمرك، وانصرنا على أعدائنا حتي نسعد بظهور دينك..

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق