الثلاثاء، 23 أبريل 2013

وكـالة قالوا

إنها لا تنتشر في بيت إلا دمرته، ولا في مجتمع إلا أضعفته، ولا في أمة من الأمم إلا مزقتها وفرقت أبناءها وقضت على مقدراتها.

بسببها دُمّرت الحياة الزوجية، وبسببها حلت البغضاء والشحناء والعداوات بين الناس، وبسببها سُفكت الدماء، وانتُهكت الأعراض، وقامت الحروب، وهُزمت الجيوش، وتوقف الإنتاج، وشاع الظلم، وذهب الأمن، وتفككت روابط المجتمع، وضعفت الثقة بين أفراده.
إنها سلاح المرجفين، وبضاعة المفلسين، وسلوك المنافقين.

أتدرون ما هي؟.

إنها الإشاعة.. والتي يسميها بعض الناس: "وكالة قالوا"، أو "راديو طروطوار  Radio Trottoir"  أي أخبار الشارع. وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مطية زعموا".

وهي نقل الأخبار دون تثبت أو فحص وتأكد، ودون مراعاة للمصالح والمفاسد من وراء ذلك.

نعم.. الإشاعة، والتي أصبحت اليوم تنتشر بسرعة فائقة تفوق سرعة الصوت وسرعة الضوء، ويكون انتشارها على مدى واسع وفي وقت قياسي؛ وذلك بسبب الاتصالات الحديثة، والشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وشبكة الهاتف الجوال والقنوات الفضائية والصحف والمجلات.

كم من أخبار كاذبة ومعلومات خاطئة واتهامات باطلة وشائعات مغرضة تنشر في هذه الوسائل ضد أفراد أو مجتمعات أو شعوب أو دول، ومع ذلك تجد الكثير لا يتثبت ولا يتحرى الصدق ولا يتأني؛ بل يشارك في نقلها ولا يدرك أن ناقل الكذب والمروج له، سواء علم أو شك أنه كذب، أو أذاعه من دون تثبت ولا تمحيص، هو أحد الكاذبين؛ لأنه مُعين على الشر والعدوان، ناشر للإثم والظلم. وفي سنن أبي داود أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا" رواه أبو داود.

قال ابن القيم: "ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه! حتى يرى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يزل منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، لا يبالي ما يقول" .

فيا رعاك الله: عليك أن تستشعر أمانة الكلمة، واعلم أنك مسؤول عنهـا، تثبت وتحرز قبل نقل أيِّ حديث أو معلومة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أنْ يُحَدِّثَ بكُلِّ ما سمع". رواه الحاكم.

اللهم طهر ألسنتنا من كل سوء، واحفظنا من كل زلل، وتب علينا من كل ذنب يا أرحم الراحمين
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق