الجمعة، 26 أبريل 2013

فوا عجبًا!! أَقُدَّت القلوب من صخر؟. أم رُميت العقول في بحر؟



قال الله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ". (المائدة: 33ـ34). 
ألا يدلك ـ يا رعاك الله ـ هذا الحكم الشديد على شيء؟.
ألا إنه يدلّ أولا:
 ـ على تعظيم الإسلام لأمر الأرواح والأنفس، وإنها عزيزة في الدين، لا يجوز الإعتداء عليها إلا بالحق.
ويدلّ ثانيا :
ـ على أهمية الأمن والحفاظ عليه، فكل من أفسد أمن المؤمنين فقد بين الله جزاءه. 
قال ابن عباس رضي الله عنهما:  "من شهر السلاح في قبَّة الإسلام، وأخاف السبيل، ثم ظُفر به وقُدر عليه، فإمام المسلمين فيه بالخيار، إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله".

وللأسف.. لو نظرنا فيما يجري حولنا لحسبنا أننا في غاب، يفترس فيها بالضرس والناب، ويروع من فيها بغير أسباب.. 
ألا إن هذه الأعمال التي تستهدِف الآمنين المعصومين، وتزهق أرواح المسلمين الوادعين، مخالفة لشريعة ربّ العالمين، إنه لأمر مؤلمٌ حقًّا  ومؤسِفٌ صِدقًا، يُعجز البيان، ويُرجف الجنان، ويهز البَنان، فيا لفظاعة القتل، ويا له من هول، دماء تراق، وأجساد للموت تساق، جرائم سطّروها بمدادٍ قاتمة، وعقول هائمة، فأهلكوا أنفساً مسلمة بريئة، وأزهقوا أرواحاً مطمئنة محترمة.

فوا عجبًا!! أَقُدَّت القلوب من صخر؟.  أم رُميت العقول في بحر؟.  
قَالَ صلى الله عليه وسلم:‏ "إِنَّ مِنْ‏ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ". رواهُ البخاري.  وقَالَ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:‏ "لَا يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا" رواهُ البخاري .

فاتّقوا الله في أنفسكم، وتبصّروا في واقعكم، واسألوا اللهَ الثباتَ على الحقّ والاستقامة عليه.اللهم أنت المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بك،  اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن..

الثلاثاء، 23 أبريل 2013

وكـالة قالوا

إنها لا تنتشر في بيت إلا دمرته، ولا في مجتمع إلا أضعفته، ولا في أمة من الأمم إلا مزقتها وفرقت أبناءها وقضت على مقدراتها.

بسببها دُمّرت الحياة الزوجية، وبسببها حلت البغضاء والشحناء والعداوات بين الناس، وبسببها سُفكت الدماء، وانتُهكت الأعراض، وقامت الحروب، وهُزمت الجيوش، وتوقف الإنتاج، وشاع الظلم، وذهب الأمن، وتفككت روابط المجتمع، وضعفت الثقة بين أفراده.
إنها سلاح المرجفين، وبضاعة المفلسين، وسلوك المنافقين.

أتدرون ما هي؟.

إنها الإشاعة.. والتي يسميها بعض الناس: "وكالة قالوا"، أو "راديو طروطوار  Radio Trottoir"  أي أخبار الشارع. وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مطية زعموا".

وهي نقل الأخبار دون تثبت أو فحص وتأكد، ودون مراعاة للمصالح والمفاسد من وراء ذلك.

نعم.. الإشاعة، والتي أصبحت اليوم تنتشر بسرعة فائقة تفوق سرعة الصوت وسرعة الضوء، ويكون انتشارها على مدى واسع وفي وقت قياسي؛ وذلك بسبب الاتصالات الحديثة، والشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وشبكة الهاتف الجوال والقنوات الفضائية والصحف والمجلات.

كم من أخبار كاذبة ومعلومات خاطئة واتهامات باطلة وشائعات مغرضة تنشر في هذه الوسائل ضد أفراد أو مجتمعات أو شعوب أو دول، ومع ذلك تجد الكثير لا يتثبت ولا يتحرى الصدق ولا يتأني؛ بل يشارك في نقلها ولا يدرك أن ناقل الكذب والمروج له، سواء علم أو شك أنه كذب، أو أذاعه من دون تثبت ولا تمحيص، هو أحد الكاذبين؛ لأنه مُعين على الشر والعدوان، ناشر للإثم والظلم. وفي سنن أبي داود أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا" رواه أبو داود.

قال ابن القيم: "ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه! حتى يرى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يزل منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، لا يبالي ما يقول" .

فيا رعاك الله: عليك أن تستشعر أمانة الكلمة، واعلم أنك مسؤول عنهـا، تثبت وتحرز قبل نقل أيِّ حديث أو معلومة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أنْ يُحَدِّثَ بكُلِّ ما سمع". رواه الحاكم.

اللهم طهر ألسنتنا من كل سوء، واحفظنا من كل زلل، وتب علينا من كل ذنب يا أرحم الراحمين
.

الاثنين، 22 أبريل 2013

تعلّم من الهدهد


 
قال تعالى:  "فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ".  النمل:22
 أنظر ـ يا رعاك الله ـ إلى قول الهدهد:  "أحطت بما لم تحط به". هذا تبرير غيابه عن الإجتماع الذي عقده نبي الله سليمان لجنوده.

 قال الشوكاني رحمه الله: (والإحاطة العلم بالشيء من جميع جهاته). ويقول الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله: (والإحاطة: الاشتمال على الشيء وجعله في حوزة المحيط، وهي هنا مستعارة لاستعياب العلم بالمعلومات).

فالهدهد لم يقنع بأخذ طرف من الأخبار، وإنما مازال ببلقيس وقومها حتى (أحاط) بأخبارهم، وفي هذا من الدقة والضبط ما لا يخفى .

فالواجب عليك دائما ألا تبادر إلى الحكم على الشيء حتى تحيط به ، وتلم بجوانبه.

إن من مشاكل شبابنا اليوم:
ضيق الأفق وقصر النظر، والنظر إلى القضية أو المشكلة من زاوية واحدة دون إحاطة كإحاطة الهدهد مما يوقع في المشاكل ويؤدي إلى التعصب للرأي.

وأبرز آفات هذا الضيق في الأفق معاداة المخالف في الفروع، ذلك أن هذا المعادي لم يحط بالمسألة من سائر جهاتها فيعرف أنها قابلة للأخذ والرد وإنما نظر من زاوية واحدة ظنها الصواب المحض، وصدق فيه قول من قال: "يكون عند الرجل الباب الواحد من العلم، فيحسب أن عنده العلم كله"!.

ومن ثّم يكون من آفات هذا الضيق الخطيرة شيوع ظاهرة التأثيم والتفسيق والتبديع، إذ المقترف لهذه الأمور لم يحط بما أخذه على خصمه، ولم يعرف جلية الأمر، ولا نظر الدوافع والأسباب، ولا جمع كلام المتهم كله ليوازن بعضه ببعض ... وإنما هو في الغالب أخذ ذروا فحكم، أو نظر إل جزء فجزم.

فما أحوجنا إذا إلى هذا السلوك الهدهدي... الإحاطة أولا، ثم الحكم والتصرف .



الثلاثاء، 9 أبريل 2013

أين المفرّ؟





قال تعالى: "فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ 10) )كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)". سورة القيامة.

يقول الإنسان يومئذ: أين المفر؟

تجيبنا الدراسات الكونية عن هذا التساؤل: أين المفر؟.

ذلك أن معنى "خسف القمر" أي توسطت الأرض بين الشمس والقمر، ومنعت الأرض ضوء الشمس عنه. فإذا حدث هذا، وحدث معه الجمع بين الشمس والقمر، فهو الكارثة العظمى على الأرض الواقعة بينهما في هذه اللحظة.

حُقّ للإنسان في الجهة المقابلة للقمر، وهو متجه إليه. وهو أيضا ـ الإنسان ـ في الجهة المقابلة للشمس، وهي متجهة إليه... حُقّ له أن يقول: أين المفرّ؟

نعم.. في هذا الوضع بالضبط.. لا مفرّ، بل إلى الله يومئذ "المستقر". إنها نهاية الإنسان، الذي ينبأ يومئذ "بما قدّم وأخّر".

يا له من مشهد هائل ضخم، يضطرب الإنسان حتى لمجرد تصوره، فكيف بمن يعيشه حقا؟!!.

اللهم حفظك ولطفك، أنت المستعان..
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق