السبت، 25 مايو 2013

لوكان العقل يشترى لتغال الناس في ثمنه



 



كرم الله بني آدم بخلال كثيرة، امتاز بها عن غيره من المخلوقات من جماد وحيوان ونبات وجان. كرّمه بالعقل، وزينه بالفهم، ووجّهه بالتدبر والتفكر، فكان العقل من أكبر نعم الله على بني الإنسان..

  فبالعقل يميّز الإنسان بين الخير والشر، والضار والنافع، به يسعد في حياته، وبه يدبّر أموره وشؤونه، به يتمتع ويهنأ. بالعقل ترتقي الأمم وتتقدم الحياة وينتظم المجتمع الإنساني العام، وبالعقل يكون مناط التكليف.

  العقل جوهرة ثمينة يحوطها العقلاء بالرعاية والحماية اعترافا بفضلها، وخوفا من ضياعها وفقدانها، لأنه إذا فقد الإنسان عقله لم يفرّق بينه وبين سائر الحيوانات والجمادات، بل لربّما فاقه الحيوان الأعجم بعلة الإنتفاع، ومن فقد عقله لا نفع فيه ولا ينتفع به بل هو عالة على أهله ومجتمعه.

   هذا العقل الثمين الذي هو مناط التكليف، يوجد في بني الإنسان من لا يعتني بأمره، ولا يحيطه بسياج الحفظ والحماية، بل هناك من يضعه تحت قدميه ويتبع شهوته، وتعمى بصيرته، كل هذا يبدو جليا ظاهرا في مثل كأس خمر أو جرعة مخدّر، تفقد الإنسان عقله، فينسلخ من عالم الإنسانية، وينسى ربه ويظلم نفسه ومجتمعه، ويمزق حياته. وإن أمة لا تحافظ على عقول بينها لأمة ضائعة!.

نعم للأسف.. إن رذيلة الخمر– وكما علمتم– آفة خبيثة، لم تفش في عصر  من العصور كما فشت في عصرنا، وراجت تجارتها، وكثر السكارى والثمالى في شوارعنا، ما أقاموا للإسلام حرمة، ولا للأخلاق وزنا.

ومن توضيح الواضح أن نذكر ضررها على الفرد في عقله، وجسمه ودينه ودنياه، أو نبيّن خطرها على الأسرة، أو نشرح تهديدها للجماعات والشعوب.. يكفينا أن نقول: أنها تفسد العقل والمزاج، وما قيمة المرء إذا فسد عقله.
 قال الحسن البصري رحمه الله: "لوكان العقل يشترى لتغال الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده". وقال الضحّاك بن مزاحم لرجل: ما تصنع بالخمر؟ قال: يهضم طعامي. قال: أما إنه يهضم من دينك وعقلك أكثر!.
وقال فقهاؤنا رحمة الله عليهم: "لا يسلّم على شارب الخمر، ولا يعاد إذا مرض، ولا تجاب دعوتـه". قـال البخاري رحمـه اللـه في الأدب المفرد: "باب: لا يسلم على شارب الخمر". وساق بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: "لا تسلموا على شرّاب الخمر". وقال أيضا: "لا تعودوا شرّاب الخمر إذا مرضوا".
ألا فاتقوا الله– يا هؤلاء– وانتهوا عما نهاكم عنه مولاكم، ولا تستهويّنكم أنفسكم، ولا يغرنكم الشيطان بغروره، "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون؟".

اسأل الله لنا ولكم العصمة من كبائر الذنوب والفواحش، والتوبة من جميع الإثم والمعاصي.. والحمد لله رب العالمين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق