وَقَد
يَجمَعُ اللَهُ الشّتيتَينِ بَعدَما * يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا
هذا
بيت من قصيدةٍ تسمى القصيدة المؤنسة، وسميت بذلك لأنه كثيرا ما كان يرددها صاحبها،
وهو قيس بن الملوح (645 ـ 688)، شاعر عربي من أهل نجد، عاش في فترة خلافة مروان بن
الحكم وعبد الملك بن مروان، وهو أحد القيسين الآخر:
هو
قيس بن ذريح مجنون لبنى المتوفي عام688م.. أول هذه القصيدة:
.
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا * وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
.
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا * وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ
كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ * بِلَيلى فَلَهّاني وَما
كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ
لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي * بِذاتِ الغَضى تُزجي
المَطِيَّ النَواجِيا
شاعرنا أحب ليلى بنت سعد العامري ابنة عمه،
حيث نشأ معها وتربيا وكبرا سويًا حيث كانا يرعيان مواشي والديهما فأحب أحدهما
الآخر فكانا بحق رفيقين في الطفولة والصبا فعشقها وهام بها. وكما هي العادة في
البادية، عندما كبرت ليلى حجبت عنه، وهكذا نجد قيس وقد اشتد به الوجد يتذكر أيام
الصبا البريئة ويتمنى لها أن تعود كما كانت كما يتبين من أول قصيدته، وذلك لينعم
بالحياة في جوارها.. لقد كانت
ليلى في عيونه تعني الوجود بكل ما فيه، حتى أنه يقول:
فَما
طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ * وَلا الصُبحُ إِلّا
هَيَّجا ذِكرَها لِيا
وَلا
سِرتُ ميلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا * سُهَيلٌ لِأَهلِ
الشامِ إِلّا بَدا لِيا
وَلا
سُمِّيَت عِندي لَها مِن سَمِيَّةٍ * مِنَ الناسِ إِلّا
بَلَّ دَمعي رِدائِيا
وَلا
هَبَّتِ الريحُ الجُنوبُ لِأَرضِها * مِنَ اللَيلِ إِلّا
بِتُّ لِلريحِ حانِيا
بحق هي قصيدة من أعذب ما نظمه مجنون ليلى في
ليلاه ، ويكاد كل بيتٍ فيها يتقطّر حنيناً ووجداً وأنيناً، حتى تسمعه يقول:
وإنى
لأستغشى وما بى نعسة * لعل خيلاً منك يلقى خياليا
وأخرج
من بين البيوت لعلنى * أحدث عنك النفس يا ليل خاليا
فلتراجع القصيدة في
مظانها، ودون أن أنسى أذكّركم بقول أحدهم: وددت لو أن قيساً كان يعيش في زماننا
وقمنا باستنساخ ليلى له، ولكنني لا أظنه سيهواها، لأن هواه في ليلاه كان عشق الروح
والجسد، حتى أننا نراه يذكر أن سبب بلائه ومرضه هو بعد ليلى، حين يأمر أصحابه أن
يقربوا له أكفان الموت، لأنه سوف يموت إن بخل الناس عليه بليلى:
خليلي
إن ضَنُّوا بليلى فقرِّبا * لي النعش والأكفان واستغفرا ليا
إيهٍ غفر الله لنا ولك يا قيس.. : بحق قد نجحت
في أن جعلتنا نرشف بقايا حبك لليلاك في رائعتك هذه.. فاللهم يا رب اجمع كل قيس
بليلاه حلالا طيبا..